تجنب التدليل
2024-06-19 05:04:29
287

التدليل نهج يتّبعه العديد من الناس في علاقاتهم مع أولادهم، رافعين شعار الحنان الزائد لمن يحبون، ناسين أو متناسين أنّ الإفراط في هذا الأمر يؤدي إلى نتائج سلبية تتعدى مرحلة الطفولة إلى مرحلتي المراهقة والنضج.

التربية في مراحلها الأولى:
التربية في مراحلها الأولى عبارة عن تدريب سلوكي عملي يتلقاه الطفل من والديه فيكتسب منهما السلوك، والأخلاق، والعادات وطريقة التعامل.. لذا فإن السلوك العائلي، ومحيط الأسرة الثقافي يؤثّران تأثيرًا كبيرًا في تكوين الشخصية واتجاهاتها المستقبلية.
إنّ سنوات الطفولة الأولى هي مرحلة تكوين الشخصية الإنسانية، وتنمية المواهب الفردية، فمن خلال احتكاك الطفل بمحيطه، تتشكل ردود فعله على المثيرات الخارجية، ونصف ردود فعله الثابتة تكتمل في سنوات عمره الأولى. لذا فإن الإفراط في تدليل الأطفال يتسبب بسلوكيات سلبية يتجاوز تأثيرها محيطه الأسري، إلى المدرسة وغيرها..

هنا سؤال يطرح نفسه: من هو الطفل المدلّل؟
تنوعت الآراء في هذا السياق، ولكنها في مجموعها تدور حول معنى واحد، مفاده أنّ الطفل المدلّل هو الذي يثور عندما لا تُلبّى احتياجاته، ويفرض على أبويه رغباته بغضّ النظر عن رأيهما في مدى إيجابية أو سلبية هذه الرغبات.

يتّصف سلوك الطفل المدلّل بالآتي:
- عدم اتّباع قواعد التهذيب أو الاستماع إلى توجيهات الأهل.
- الاحتجاج على كل شيء، والإصرار على تنفيذ رغباته.
- عدم التمييز بين احتياجاته ورغباته.
- طلب أشياء كثيرة أو غير مقبولة من الآخرين.
   
يخلط الكثيرون بين الاهتمام بالطفل والإفراط في تدليله، وبوجه عام فإنّ الاعتناء بالطفل شيء جيد وضروري لنموّه، غير أنّ هذا الاهتمام إذا زاد عن الحد أو جاء في وقت غير مناسب، فله أضرار كبيرة.  

مشاكل تواجه الطفل المدلّل
يواجه الطفل المدلّل مشاكل كثيرة وصعوبات جمّة إذا بلغ السن الدراسية من دون أن يتغير أسلوب تربيته، إن الأطفال المدلّلين غالبًا ما يكونون غير محبوبين في المدرسة لفرط أنانيتهم وتسلّطهم، كما أنهم قد يكونون غير محبوبين من الكبار أيضًا، بسبب سلوكهم وتصرفاتهم، ومن ثم يصبحون غير سعداء، الأمر الذي يجعلهم أقل اهتمامًا بالواجبات المدرسية، ونظرًا لافتقارهم إلى السيطرة على أنفسهم فقد يتورطون في بعض السلوكيات الخطرة، إذ إن الطفل المدلّل عندما يشبّ ويكبر، يريد أن تكون طلباته مجابة سواء من والديه أو ممن هم حوله من الأقرباء والأصدقاء، لكنه يصطدم بالواقع العملي للحياة عندما يحتك به، في مراحل حياته المختلفة.. فالكثير من الأمور تحتاج من الوقت والجهد ما لا يستطيع الإنسان المدلّل تحمّله. 

مسؤولية الوالدين
انطلاقًا مما تقدّم، على الوالدين وضع قواعد تهذيب السلوك الخاصة بطفلهما، يبدأ تهذيب الطفل منذ السن التي يحبو فيها، ورفض طلبه بكلمة «لا»، قد يكون ضروريًا، فالطفل بحاجة إلى مؤثر خارجي يسيطر عليه حتى يتعلم كيف يسيطر على نفسه ويكون مهذبًا، وهو سيظل يحب والديه وإن رفضا طلبه.

من المهم أن يعتاد الطفل على الاستجابة بصورة لائقة لتوجيهات والديه قبل دخوله المدرسة بفترة طويلة، ومن هذه التوجيهات: جلوسه في المقعد المخصص له في السيارة، عدم ضرب الأطفال الآخرين، الاستعداد لمغادرة المنزل في الوقت المحدد صباحًا من دون مماطلة، وكذلك، التزام الوقت المحدّد للذهاب إلى الفراش.. هذه النظم التي يضعها الكبار ليست محل نقاش مع الطفل..

غير أنّ هناك بعض الأمور التي يمكن أن يؤخذ فيها رأيه، ومنها: أي من الأطعمة يأكل؟ وأي قصة يُحب أن يسمع؟ وماذا يريد أن يلعب؟ وماذا يرتدي من الملابس؟ من الضروري توجيه الطفل ليستطيع التمييز بين الأشياء التي يكون مخيّرًا فيها، وبين قواعد السلوك المحددة التي ليس فيها مجال للاختيار. 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: إذاعة الكفيل - برنامج تهذيب إيجابي - الحلقة الثانية عشر - الدورة البرامجية 79.

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا