سؤال ربما فكَّر فيه كلُّ واحد منا في مراحل مختلفة من حياته.. لكنَّ البعض قد يتجاوزه سريعاً، في حين يتوقف آخرون عنده لمدة أطول، وهناك أيضاً مَن لا يستطيعون التخلص منه أبداً.
الحياة، مع أنَّنا نشعر بها بكلِّ كياننا، تبدو وكأنُّها سرٌّ غامض، فهل تستحق أن تُعاش؟ هل ينبغي أن نحافظ على هذا الشعور الغريب؟ أو يجب أن نسعى للتخلص منه سريعاً، ونواجه بديله، وهو الموت؟
عادةً، يظهر هذا السؤال بصورة واضحة في حالتين:
1- عندما يكون الإنسان محاصراً بالمشاكل والمصائب، ومع محاولاته المستمرة لا يجد سبيلاً للخلاص، فتُظلمُّ سماءُ قلبه بسحاب اليأس، وتفيض أرضُ قلبه بسيول الحزن والغم.
2- عندما يكون الإنسان مغموراً بالسعادة والرفاهية، بحيث تكون الدنيا قد أصبحت كما يُقال: (على هواه).. ففي هذه الحالة، قد يشعر بالرتابة والملل، مما يدفعه للتفكير: هل تستحق هذه الحياة المتكررة والمملة أن تُعاش؟
النظرة الكونية:
تختلف الإجابة عن هذا السؤال بناءً على نوع النظرة الكونية التي يتبناها الأفراد:
1- أصحاب النظرة الكونية الهادفة، الذين يرون الحياة موجهة نحو هدف سامٍ ومستقبل متعالٍ، يُقدّرون الحياة، ويمنحون كلَّ لحظة منها قيمة ومعنى.
2- أمَّا أولئك الذين يرون الحياة بلا هدف، وقد أظلمت آفاقهم، وغابت شمس الأمل عن أراضي نفوسهم، فإنَّ الحياة بالنسبة لهم تبدو بلا قيمة أو معنى.
النظرة التوحيدية:
وترى أنَّ الخلق والإنسان لهما هدف، وهو أسمى من الأهداف المادية الدنيوية. أمَّا النظرة المادية، التي تنظر إلى الإنسان والوجود من زاوية المادة فقط، فلا ترى هدفاً يتجاوز المادة، التي نهايتها الحتمية هي الفناء والعدم.
إنَّ القرآن الكريم، بآياته التي تنبعث منها نغمة الوحي العذبة، يقدَّم رؤية للحياة تجعل كلَّ لحظة منها مليئة بالقيمة والمعنى، والإنسان المؤمن، الذي ينظر إلى الحياة بهذه النظرة التوحيدية، يُوصَف في القرآن أنَّه يترقب الفرص الثمينة لاغتنامها.. في المقابل، يُعرِّف القرآن أولئك الذين يُهملون فرص الحياة بأنَّهم في خسران.