النقص العاطفي عند الأطفال
2024-05-15 09:05:48
638

إن العاطفة هي الاستعداد والميل الفطريّ الداخليّ الذي يشكّل دعامة حبّ الإنسان للآخرين وعلى أساس هذا الاستعداد الفطريّ، يستطيع الإنسان أن يظهر ميوله الباطنيّة؛ منطلقًا من المحبّة والعطف لمن حوله ومن خلال هذا الطريق يؤسّس معهم علاقة قلبيّة وأنس وألفة. 

إن عدم الوفاء، والتغافل، والجهل بمكانة الآخرين وقدرهم، وعدم إبراز الاحترام عند الحاجة واللامبالاة عند الاستغناء، والقسوة، والعنف، والاهتمام والانشغال بالنفس، وعدم الاهتمام بالآخرين، وأمثال ذلك؛ كلّها نواقص روحيّة وأخلاقية سببها الفقر العاطفيّ؛ لذا فالعائلة هي المؤسّسة الأولى التي ينبغي أن تنمو فيها العواطف الإنسانيّة عند الأطفال، فالمحبّة والعطف التي تُنثر على الطِّفل من قِبَل الأمّ والأب، والأخت، والأخ، لا يمكن أن يتلقّاها من أيّ شخص آخر.

ولا يمكن لأيّ حاضنة أو ممرّضة أو قابلة أن تؤدي دور الأمّ الطبيعيّ في حياة الطِّفل، وأن تشغل مكانها، فعندما تحضن الأمّ طفلها بمحبّةٍ عارمةٍ، أو عندما تناغيه وتحاكيه بكلّ كيانها؛ يقفز بَريقُ المحبّة من عينيها، وينفذ إلى أعماق وجود طفلها، بالمقابل الأطفال الذين لا ينالون هذه القوّة المعنويّة من العائلة، لا يمكنهم أن ينمُّوا أنفسهم عاطفيًّا.

وقد أُجريت أبحاث عن الأطفال الذين ترعرعوا في الميتم أو فقدوا أهلهم بسبب الحرب أو لأيّ سبب آخر، فكشفت أنّ هؤلاء الأطفال على الرغم من توافر الرعاية والاهتمام لهم، الا أنهم يعانون من خلل عاطفيّ شديد وبلا شكّ، إنّ كثيرًا من الاضطرابات الروحيّة، وعدم سكينة النفس، وارتكاب الذنوب، والانحرافات الأخلاقيّة والاجتماعيّة، والأمراض النفسية، والكآبة، وأمثال ذلك؛ منشؤها النقص العاطفيّ. 

إنّ أيّ فقدانٍ أو نقصٍ في المحبّة يؤدّي إلى بروز عوارض غير مرضية عند الأبناء، ويبعث على الإحساس بانعدام الشخصيّة، والانطوائيّة، وربّما يكون سببًا لبروز بعض الانحرافات السلوكيّة والتربويّة، وللحدّ من هذا النوع من الآثار غير المرضية، على الوالدين أن يُظهرا محبّتهما وعطفهما لأبنائهما.

كما يحدّثنا الإمام الصادق عليه السلام عن أسلوب والده الإمام الباقر عليه السلام في تعامله مع أحد أبنائه فيقول: "والله إنّي لأصانع بعض ولدي، وأجلسه على فخذي، وأكثر له المحبّة، وأكثر له الشكر، وإنّ الحقّ لغيره من ولدي، ولكن محافظة عليه منه ومن غيره؛ لئلا يصنعوا به ما فُعل بيوسف وإخوته، وما سورة يوسف إلّا مثال لكي لا يحسد بعضنا بعضًا، كما حسد يوسفَ إخوتُه وبغوا عليه.

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: إذاعة الكفيل - برنامج صفحة بيضاء - الحلقة السادسة - الدورة البرامجية 79.

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا