قالت أحدى المربيات الفاضلات في ندوةٍ تربوية وقد أخذت دورة تدريبية خاصة عن سلوكيات الاطفال أنها تعلمت مبدءً مهماً للغاية.. وهو أنّ الطفل الشقي المشاكس ليس شقياً بحق، بل هو طفل طيب قام بارتكاب فعلٍ سيء!!
فاعترض البعض على رأيها، ورأوا أنّ ذلك أحد أغرب الأمثلة على نظريات علم النفس!!
عندما سمعوا عبارتها (انه ليس بكمبيوتر شقي، بل هو كمبيوتر طيب) إلا أنّ الشيء المحرج حقاً هو أنّ تلك السيدة كانت في الواقع محقة تماماً.. وقد أقرّ الجميع بعد أن علموا بأن المبدأ الكامن خلف كلماتها كان عين الصواب.

فإذا ما قلت للطفل بأنه طفل شقي، أناني، كسول، بدين، غبي، وقح، مزعج، ممل.. أو أي صفة أخرى.. فأنت بهذا تلصق الصفة به، وإذا ما صدّق الطفل تلك الصفة الملصقة به ولم لا يصدق وهو مدرب على أن يُصدّق كل ما تقوله له فسوف يبدأ في التصرف وفقاً لها وسوف يفكر قائلاً بأنه ليس هناك فائدة في محاولة بذل أي جهد، فأنا أعلم أنني كسول.. أو ما الذي لدي لأفعله!؟ لقد ألصق الجميع بي صفة الطفل الشقي على أي حال!؟
بالطبع لم يفكر الطفل هكذا بصورة واعية، على الأقل ليس في سنوات عمره الأولى!!
لكنك إذا ما ألصقت به صفة ما، فسوف يتصرف وفقاً لها فهو (كومبيوتر) ذكي جداً وذو ذاكرة عجيبة ويتبرمج حسب المعطيات التي تقوم بإدخالها الى ذاكرته.

إذن ما عليك فعله هو أن تدين السلوك السيء، وليس الطفل نفسه! فيمكنك أن تقول له: "هذا تصرف أناني" أو "من المعيب أن تُلح هكذا"، فأنت بهذه الصورة لا تُعلّق على شخصيّته بل على سلوكه.. لأنّ إلصاق الصفات الطيبة بالطفل أمرٌ إيجابي مهم فهي تشجع طفلك على السلوك وفقاً لها مثل (حنون، حريص، شجاع، وما شابهها.. )، وفي الواقع، يمكنك أحياناً استخدام تلك الصفات الإيجابية في المواقف التي لا يسلك فيها طفلك سلوكاً إيجابياً معيناً..
كأن تقول: "لقد اندهشتُ بشدّة عندما تصرفت بهذه الصورة غير المهذبة، وأنا الذي طالما اعتبرتك من أكثر الأطفال أدباً"، فعبارة كهذه تؤكد للطفل إنك ما زلت تنظر اليه بصورة إيجابية، وأنّ الوقت لم يفت بعد، للتصرف بصورة تجعله يستحق وصف الطفل "المؤدب".

___________________________________
المصدر: نشرة الخميس/ نشرة أسبوعية ثقافية تصدر عن قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة- العدد 569.
الشيخ علي السعيدي