العنف الأسري تجاه الطفل الى أين يتجه؟
2021-11-26 10:08:34
571

نتحدث اليوم عن ظاهرة العنف الأسري تجاه الطفل، العنف لغة ضد الرفق ويراد به الشدة والخرق وهو من أبرز المشكلات العالمية التي لا يخلو منها مجتمع سواء اكان متقدما أو نامياً وهذه المشكلة مع شديد الاسف لاتزال تنمو وتتفاقم بشكل مطرد حتى بدت السيطرة عليه أمراً مستحيلاً بسبب الخصوصية التي تتمتع بها هذه المشكلة ولكن ماهي اشكال العنف التي تمارس على الطفل؟ وهل هناك احصائيات أولية عن تنامي هذه الظاهرة في مجتمعنا العراقي؟ وما هي الحلول الناجعة التي يمكن أن تحد من تنامي هذه الظاهرة الدخيلة على مجتمعنا.

 العنف ضد الطفل أنواع عديدة منها العنف الجسدي ويعد العنف الجسدي ضد الطفل الشكل الأبرز والأشد، فهو يشمل الضرب والعض والصفع والدفع ولوي الذراع وكسر العظام، شد الشعر والكي والحرق، الضرب بآلة خشبية أو حديدية حادة كل هذه السلوكات قد تكون آثارها بسيطة فيسمى عنفاً جسدياً بسيطاً، وقد تكون الآثار وخيمة تصل حد الوفاة ويسمى حينئذ قتلاً.

ويعد اعتداءً كذلك كل عنف يمارسه أحد والدي الطفل أو ذويه وينتشر العنف الجسدي الموجه ضد الأطفال في حياتنا الاجتماعية بكثرة، بل يعد أداة تربوية وفق اعتقادات تقليدية خاطئة، فالضرب واللطم والجرح باستعمال أدوات معينة يعبر عن واقع معيش، وقد يفضي هذا العنف إلى التسبب في عاهات مستديمة لدى الطفل أو قد يفارق الحياة على إثره حيث يكون هذا العنف من الوالدين لكن بدرجات متفاوتة.

ويؤدي العنف الجسدي تجاه الطفل إلى إشعار الطفل بأن والديه لا يحبونه وبأنه غير مرغوب فيه، لأنهما يعاقبانه على لأتفه الأسباب، فالطفل لا يدرك الأشياء والتصرفات المحيطة به وفق ما يدركها الأولياء، مما يجعل الطفل غير متوازن نفسيا فاقدا للثقة بنفسه ومعتمدا على العنف في تصرفاته تجاه افراد عائلته وجميع المحيطين به.

اما النوع الآخر فهو العنف النفسي واللفظي:وهو كل تصرف أو فعل مؤذٍ نفسياً، يمس مشاعر الطفل، كالسخرية والتوبيخ والشتم، اللوم والترويع، الاحتقار والوصف بألفاظ بذيئة، وحتى الطرد من المنزل والحبس المنزلي. فهذا الشكل من العنف لا يترك أثراً واضحاً مثل العنف الجسدي ولكنه يخلف مآسي عميقة في شخصية الطفل، فالطفل إذا لم يطع والداه رغم صغره وعدم ادراكه لما يحيط به يشتم ويوبخ، حتى أصبح سلوك الشتم والسب يتعلمه الطفل في مراحل متقدمة جدا من حياته لأنه شائع في بيئته الأسرية من أوصاف قبيحة وألفاظ نابية وبذيئة ففي حياتنا الاجتماعية غالباما يعنف الطفل لفظيا و يهان لأبسط خطأ يقوم به.

قد تكون السخرية أبلغ أثراً من الشتم خاصة إن كانت أمام الاقران والآخرين، فيفقد الطفل حينها ثقته بنفسه وبوالده، فيصبح غاضبا مترددا مشككا في قدراته وإمكاناته، الشيء الذي يعوق تعلمه ونموه بشكل سليم، ويدخل في دوامة من الغضب والاكتئاب، ويزداد الأمر سوءا إذا تكرر الأمر مرات عديدة؛ فبدل أن ينال الطفل التشجيع على المبادأة والتعلم فإنه يحصل من والديه على التشكيك في نفسه وتصرفاته، فيصبح الطفل منطويا ومنعزلا على ذاته لأنه يخاف من الإهانة التي تزعزع كيانه النفسي والاجتماعي.

لقد كان رسولنا الكريم(ص وآله) يعطف على الصغار ويقربهم منه حتى إذا عاد من سفر بعيد اشتاق إليهم فيخرجون لاستقباله فيفرح بهم ويأنسون به، يسلم عليهم ويقبلهم ويحملهم بين ذراعيه الشريفتين، وكان يوصي الآباء والكبار بحب الصغار ومساعدتهم، ويغضب صلوات الله عليه، إن رأى أحدهم يضرب صغيرا قائلا: (أحبوا الصبيان وارحموهم)، مؤكدا : (ليس منا من لم يرحم صغيرنا ولم يوقر كبيرنا) كما ينقل لنا التاريخ أن رجلاَ دخل على رسول الله فرآه يقبل حفيده الطفل الحسين (ع) فتعجب لذلك وقال للرسول: "والله إن لدي عشرة من الأطفال لم أقبل أحداً منهم قط"، فرد عليه نبي الإنسانية قائلاً: (وماذا أفعل وقد نزعت الرحمة من قلوبكم، من لا يَرحم لا يُرحم ..ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء).

 

 

 

 

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: برنامج أغصان الصفصاف- الحلقة الأولى- الدورة البرامجية66.

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا