لا تسخر من أطفالك..!
2021-04-15 07:47:54
421





    تزداد مشقة تربية الأطفال بقلة الثقافة التي يمتلكها الوالدان، والأشخاص المحيطون بهم من مختلف فئات المجتمع، وغالباً ما تحصل بعض المواقف التي يعدها أكثرنا بسيطة وليست ذات بال في التعامل مع الأطفال الصغار، لاسيما في السنوات الأولى من أعمارهم وهي واقعاً تشكل حجر أساس في بناء شخصياتهم مستقبلاً، ومن الأخطاء التي نغفل عنها كثيراً هو التهكم بالأطفال والسخرية من بعض أفعالهم، ونغفل أن شخصياتهم وأفكارهم ونظرتهم لما حولهم تختلف عما هي عند الكبار لقلة خبرتهم وتفاعلهم مع الواقع الاجتماعي.

 وفي نظرة خاطفة على سلوكنا اليومي مع الأطفال، تبرز الكثير من مواقف السخرية والمزاح التي نؤلم بها الأطفال ونؤذيهم من حيث لا نشعر أو نكترث.. ومن هذه المواقف اخترنا هذه (القصة الحقيقية) التي كانت سبباً في تعرض (بطلها الصغير) لبعض المشاكل النفسية في التعامل مع الناس: 

  كان طفل جاري الشغوف بمتابعة أفلام الكارتون ينتظر بشوق كبير عرض مسلسله الكارتوني اليومي المفضل.. ولكن لسوء حظه ظهرت المذيعة على شاشة التلفاز واعتذرتْ عن عدم إمكانية عرضه لذلك اليوم لوجود خلل فني في البث، وفي اللحظة ذاتها صادف أن حكَّ هذا الطفل البريء عينه فنزلت دموعه، وهنا كان محور الحدث الذي قلب الأمور على هذا المسكين، حيث تعالت ضحكات العائلة على نزول دموعه؛ لظنهم أنه يبكي  لأنه لم يشاهد فلم الكارتون..! بل – وهذه كارثة أخرى -لم يصدقوه عندما أقسم لهم جاهداً أن عينه دمعت مصادفة، وأنه لم يكن حزيناً من أجل هذا الأمر..!

 على أي حال، أصبح الموقف نكتة تافهة ممجوجة يتندرون بها كل حين، وفي مختلف المناسبات، وفي كل مكان، حتى أمام ضيوفهم وأصدقائهم، مما شكل مصدر إزعاج نفسي لهذا الطفل الذي لم يعد طفلاً بمرور السنين... أما النتيجة التي لم تكن في الحسبان أبداً هي أن كبر الطفل وأصبح يافعاً بالغاً، ولكن كبرت معه عقدة ذلك الموقف، فنشأ محباً للعزلة، ولا يختلط مع الضيوف، وقليل الأصدقاء، مضطرب السلوك في المدرسة.. ولو كانوا قد راعوا مشاعره لما حدث الذي حدث؟ 

  وقصة أخرى تروي استهانة أم بمشاعر طفلها بعد أن ظلمته دون وجه حق، نذكرها هنا ونترك التعليق عليها لذوق القارئ الكريم:
   بينما كان الإخوة والأخوات يلعبون في إحدى غرف البيت، كان أكبرهم في غرفة أخرى مشغولاً بتصفح إحدى مجلات الأطفال.. تشاجر إخوته وكثر صراخهم.. وصلت الأم من المطبخ تحمل العصا، ودون أن تسأل عما يجري.. دخلت إليه متهمة إياه بخلق المشاكل وأوسعته ضرباً، ثم رمته خارج الدار حافي القدمين من دون أن تسمح له أن ينبس ببنت شفة..! بعد ساعات اكتشفت الأم أن أطفالها كانوا يمزحون، فاكتفت بإرسال أحدهم ليفتح الباب لأخيه، فدخل وقال مستعبراً: آسف يا أمي.. فلست من أزعجك بإثارة الضجيج، فقابلته الأم بابتسامة ساخرة..! وسؤالنا لهذه الأم: ماذا تتوقعين أن تكون مشاعر ابنك نحوك بعد هذا الموقف وأمثاله؟


 

 

 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: صحيفة صدى الروضتين(صحيفة شهرية تصدر عن شعبة الإعلام في العتبة العباسية المقدسة)-العدد273- صادق مهدي حسن.



تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا