الكذب عند الأطفال
2021-04-07 06:45:10
605
 

طويلة هي الفترة التي مرت بين الكلمة التي أطلقها سقراط يوم قال: (إعرف نفسك) والكلمة التي أطلقها روسو يوم قال: (اعرفوا الطفولة)، والمحزن بالموضوع أن الانسان الى اليوم هو يجهل أو يتجاهل العناية بالنفس أو الطفولة.

وتحتل مرحلة الطفولة أهمية كبرى في حياة كل المجتمعات، وكلما تقدم المجتمع في مضمار الحضارة زادت عنايته بأطفاله، وتحسنت معاملته للإنسان بصفة عامة وللأطفال على وجه الخصوص، فالعناية بالطفل ضرب من ضروب التحضر والرقي الى جانب ذلك كونها مطلباً إنسانياً محتوماً.

ولابد أن تعنى المجتمعات بأطفالها؛ ذلك لأن طفل اليوم هو رجل الغد، ولا يخفى ما لمرحلة الطفولة من أهمية في حياة الفرد والمجتمع، إذ توضع فيها جذور الشخصية الأولى، ومن المعروف أن ما يتلقاه الطفل من خبرات ومؤهلات يترك بصمات واضحة في شخصيته.

وتعد مرحلة الطفولة من أهم المراحل في حياة الإنسان، ومن خلالها تتحدد ملامح شخصيته، وخصائصه الجسمية، والعقلية، والانفعالية، والاجتماعية...

ولقد ثبت علمياً أن الطفل يتأثر بما يحيط به من الحنان أو القسوة تأثراً عميقاً يلازمه بقية عمره، ويؤثر على محتلف جوانبه الصحية والنفسية والاجتماعية، فشراسة الخلق والقسوة والحقد على المجتمع تنغرس في نفوس الأبناء الذين حرموا من حنان الأمومة، إذ يشب هؤلاء الأطفال شاذين عن المجتمع يميلون الى الانحراف عن نظام الأمة ومعاييرها.

في حين تعد العلاقات والتفاعلات الأسرية الدافئة أساس استقرار المناخ الأسري؛ فالمناخ الأسري الذي يسوده الانسجام والحب والفهم والثقة والاحترام المتبادل والاستقرار يهيئ للأبناء مناخاً أسرياً صحياً من الناحية النفسية مشبعاً بالطمأنينة والأمان في حين أن الجو الأسري المشحون بمشاعر عدم الرضا والحقد والكراهية والكلام السيء يمزق وحدة الأسرة ويفككها، لذلك نرى من الواجب علينا أن نسهم ونسعى في تطوير عملية التنشئة الاجتماعية، ولا سيما الرعاية الأسرية والتي تترك الأثر البليغ على حياة أبنائنا، ونعمل على تطوير المفاهيم الأسرية الصحيحة؛ لكي نزرعها في قلب وسلوك الأبناء.

الكذب عند الأطفال حالة أم انفعال؟

يولد الأطفال على الفطرة النقية، ويتعلمون العادات والتقاليد السليمة: كالصدق والأمانة والكلام الطيب شيئاً فشيئاً... ولكن الطفل إذا نشأ في بيئة تتصف بالكذب والخداع والكلام البذيء، فأنه حتماً سيحذو على نفس الاتجاه، ويكتسب هذه العادات والتقاليد وهذا السلوك السيء، ويعده زاداً في مواجهة الحياة، وتحقيق أهدافه، ولاسيما إذا كان الطفل يتمتع بطلاقة اللسان، وخصوبة الخيال، فأنه سيسهل عليه الكذب والتأويل وانتحال الأعذار الواهية.

وعلى هذا الأساس، فإن الكذب والخداع صفة اكتسابية، أي يكتسبها الطفل من المحيط أو العالم الخارجي الذي يعيش فيه سواء في البيت أو المجتمع.

وإلى جانب ذلك، إن صفة الكذب عرض ظاهري لدوافع وقوى نفسية تحدث للفرد سواء كان طفلاً أو بالغاً، وتأتي هذه الحالة للهروب من المسؤولية، أو لتجنب الاخفاق أو الخيبة.

وقد يلجأ بعض الآباء إلى وضع أبنائهم في مواقف يضطرون فيها إلى الكذب، وهذا أمر لا يتفق مع قواعد التربية الأسرية السليمة وأسسها، كأن يطلب الأب من الابن أن يجيب السائل عن أبيه كذباً بأنه غير موجود، أو يجبره أن يكذب ويتحايل عندما يطلب منه أن يأتي بسلعة من السوق، فأن الطفل في هذه المواقف يشعر بأنه أرغم فعلاً على الكذب، ودرب على أن الكذب أمر مقبول، كما يشعر بقسوة الأهل الذي يسمحون لأنفسهم بسلوك الكذب، ويطلبون من الابن أن لا يكذب.


 

 

 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: صحيفة صدى الروضتين(صحيفة شهرية تصدر عن شعبة الإعلام في العتبة العباسية المقدسة)-العدد252- جواد الشبوط.


 


 

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا