قدرة المعلم على ضبط الصف الدراسي
2020-08-02 07:40:19
1370

اخواتي الكريمات إن مصطلح ضبط الصف من أهم المصطلحات التربوية التي قد يخطئ البعض فهمها، إذ يعتقد نسبة كبيرة من المعلمين أن ضبط الصف مفهوم يقصد به مجرد السيطرة على الطلاب داخل الصف وعدم حدوث أي فوضى أو ضوضاء يمكن أن تؤثر على شرح الدرس. 

في البدء لابد من الاشارة إلى أنه ليس هناك قاعدة ذهبية لحفظ النظام؛ لأن ما ينفع في حالة قد يضر في حالة أخرى، حيث أن القدرة على ضبط النظام والهيمنة على التلاميذ وتوجيه دفة الدرس كما يريد المعلم شيء موهوب، ولكن مع ذلك يمكن أن نصل إليه بالتدريب في مواقف تعليمية مختلفة.

  وأول خطوة هنا أن يقوم المعلم بإشاعة روح المحبة والمودة والألفة والوئام بينه وبين الطلبة، وهذا من شأنه إزالة التوتر والخوف العصبي والانقباض العقلي، ويشيع في الصف الشعور الفياض بالسعادة الغامرة؛ لأن حب المعلم يستدعي بالضرورة حب المادة التي يعلمها، والمحبة أساس النجاح والتوفيق في أي عمل. 

لابد أيضاً من أن يقوم المعلم بتعويد الطلبة على أن يحترموا ويقدروا آراء بعضهم البعض، وإذا وجدت وجهات نظر مختلفة، أو أراد أحدهم تقديم اعتراض وجيه، فعليه تقديم ذلك بكل أدب وبدون تهكم أو سخرية أو سوء نية، وبالمقابل، فإن المعلم القدير هو الذي يعلم المخطئ شكر زميله الذي دله على الصواب، وأن يعلم الجميع كيف يغبطون المتفوقين ويهنئونهم. 

ومن النصائح التي ينبغي تذكير المعلم بها في مثل هذه المواقف: أن لا يلجأ إلى الطريقة الإلقائية إلا عندما لا يجد طريقة أخرى لعرض المادة أفضل منها؛ لأن الإلقاء الطويل يؤدي إلى انصراف الطلبة عن الدرس ويدفعهم إلى المشاغبة والخروج على النظام، أما إذا اضطر إلى استخدام الطريقة الإلقائية، فينبغي أن يراعي استخدام الوسائل التعليمية المناسبة، واستخدام التلميحات غير اللفظية، كالإشارات والإيماءات وتعبيرات الوجه واستعمال طبقات الصوت ونبراته في تمثيل المعاني والمشاعر والأحاسيس المختلفة ومن جهة أخرى فإنه يستحسن أن يقوم المعلم بالتنويع بين استعمال الإلقاء والمناقشة بين الحين والآخر. 

كما وينبغي أن يكون المعلم رحب الصدر متسامحاً فلا ينزعج لأقل هفوة، ولا يدقق على الأمور والبسيطة والصغيرة، خصوصاً تلك التي تحصل من الطلبة لأول مرة، إلا إذا مست الآخرين، فقد تتسبب معالجة الخطأ في فوضى أكثر من تلك التي تنشأ من الخطأ ذاته. 

وأما العقاب فلابد للمعلم من أن يجعله نادراً ما أمكن ؛ حتى تبقى له هيبته وقيمته لذا فإنه ينبغي أن تعالج المشكلات بأسلوب غير مباشر حيث إن التلميح يكون أحياناً أقوى من التصريح. 

كما وقد يختل النظام إذا كانت سرعة التدريس لا تناسب الطلبة، فإذا أسرع المعلم في عرض الدرس أكثر مما ينبغي، سرعان ما ينعزل الطلبة عن المعلم بشيء آخر، أو ينصرفوا بأفكارهم بعيداً عن الدرس، أو يتهامسون أو يضحكون بصوت مرتفع بين حين وآخر على ملاحظات يبدونها فيما بينهم، وكذلك الأمر إذا كان الدرس يسير أبطأ مما يجب ، فإن ذلك مدعاة إلى انصراف الطلبة إلى شيء بعيد كل البعد عن الدرس وأهدافه.

 أما إذا اختل نظام الصف فعلى المعلم أن يتخذ بعض الإجراءات المؤقتة التي تحفظ النظام المطلوب، وليس معنى ذلك أنه توجد بعض الأساليب الثابتة التي تصلح لكل حالة، وإنما يستطيع المعلم استعادة ضبط الصف من خلال خبراته ومعرفته بالأساليب المناسبة للوضع الذي هو فيه، وعلى أي حال فإنه على المعلم مقابلة الموقف الذي حصل بقترة صمت وجيزة مصحوبة بنظرات حادة تتنقل بين الطلبة، وعليه ألا يثور أو يغضب بل يمتلك زمام نفسه فلا يتفوه بكلمات نابية، أو حركات طائشة، أو أن يقوم بالضرب على السبورة بأن يدق عليها بشدة وعصبية، وألا يوجه اللوم لكل الطلبة بل يخص به الطالب أو الطلبة الذين تسببوا في الفوضى، ويحاول تفريقهم عن بعضهم البعض، ويبقيهم تحت إشرافه وملاحظته، وقد يأمرهم بالوقوف في أماكنهم فترة، ثم ينصحهم بالهدوء ويطلب منهم الجلوس، وحبذا لو حاول المعلم معرفة دواعي الفوضى والشغب بعد انتهاء الحصة، وحث الطلبة على عدم الفوضى والشغب بأسلوب ودي وأخوي، ويعرفهم بقيمة المعلم ويغرس في نفوسهم العقيدة الإسلامية الصحيحة بتعريفهم بثواب طالب العلم وفضله حتى على أهل الجهاد، وتعرفهم كذلك حق المعلم عليهم وفضله وأنه كالوالد ، بل أكثر من الوالد ؛ لأن الوالد قد يكون سبب السعادة الدنيوية، وأما المعلم قد يكون سبب السعادة الأبدية في الآخرة إن شاء الله.

 

 

 

 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: برنامج المورد العذب-الحلقة التاسعة- الدورة البرامجية57.

 

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا