دور المعلم التربوي
2020-08-02 07:12:14
624

إن دور المعلم أيتها الأخوات هو دور تربوي قبل أن يكون تعليمي فالمعلم من أهم الشخصيات التي تؤثر على تربية النشء إن لم يكن أهمها على الإطلاق؛ حيث أن الطالب يقضي مع معلميه ما لا يقل عن ست ساعات متصلة يومياً وطوال العام الدراسي يكون الطالب فيها في أفضل حالات نشاطه وحيويته.

نعم إن الدور التربوي للمدرسة لا يقل أهمية عن دورها التعليمي، فلا فائدة من تخريج أجيال متعلمة بلا وعي أو أخلاق أو مهارات تمكنها من استغلال ذلك العلم، وقد اقترن الدور التربوي للمدرسة بدورها التعليمي منذ نشأتها الأولى، كما أن القول بأن الدور التربوي للمدرسة يماثل في أهميته وظيفتها التعليمية لم يأت من فراغ، بل لما لهذا الدور من أثر إيجابي بالغ على الفرد، ينعكس بالضرورة في المستقبل على المجتمع ككل.

وينبغي الاشارة الى أن الجزء الأكبر من دور المدرسة التربوي يقع على عاتق المُعلم نفسه، فهو واجهة المؤسسة التعليمية والتربوية بالنسبة للطالب، فهو الذي يتعامل معه ويتصل به بصورة مباشرة، وكي يتقبل الطفل كل ما يُملى عليه من تعليمات أو توجيهات، فلابد وأن يكون في الأساس مُحباً للمدرسة التي ينتمي إليها، وهذه هي مسؤولية المعلم الذي يجب أن يكون حاسماً فيحترمه تلاميذه، وفي ذات الوقت يكون ودوداً مقرباً منهم فيحبونه ويحبون مدرسته، بجانب هذا كله أخواتي فإن المعلم يجب أن يكون قدوة للأطفال يحتذون بها، وعليه أن يعي أن دوره لا يقتصر فقط على تلقين المادة العلمية، بل عليه أن يجعل من نفسه النموذج الذي يرغب أن يصبح طلابه عليه، فلابد وأن يتحلى بالأخلاق الحميدة، وألا يتلفظ بالبذاءات أو أن يرتكب أي تصرفات خاطئة بأي شكل، خاصة في مرحلتي الروضة والتعليم الابتدائي، وذلك؛ لأن الطلبة إذا أحبوا معلمهم قلدوا تصرفاته وسلوكياته، ويكون بذلك قد تحقق جانب من دور المدرسة التربوي.
إضافة الى ما تقدم أخواتي فان دور المدرسة التربوي يشمل أيضاً تخريج أجيال واعية مثقفة، وهذا لن يتحقق بالتأكيد من خلال حشو أدمغتهم بكم المعلومات الهائل الذي تحتويه المقررات الدراسية فقط، فصحيح إن التعليم مهم وهو أحد أسس الحياة وقد أمرنا به الرسول الأكرم "ص وآله" ولكن في النهاية كما يمتلك الطالب حصيلة علمية، فلابد أن يمتلك أيضاً مجموعة المهارات التي تمكنه من إدارتها وإحسان استغلالها، وهنا يأتي دور المدرسة التربوي ليُكمل دورها التعليمي، فتقوم بتشكيل وعيه وإكسابه العديد من المهارات الاجتماعية.

كما وأن دور المدرسة التربوي أيضاً أيتها الاخوات يشمل العمل على توسيع آفاق الطلاب وزيادة خبرتهم، وألا يدعوهم يخرجون إلى الحياة وميادين العمل وهم صفحة بيضاء، فالحكمة تقول أن نبدأ من حيث انتهى الآخرون، وإن سنة الحياة أن يُسلم كل جيل الراية للجيل الذي يليه، وبناء على ذلك فإن المعلم -والمدرسة بصفة عامة- يقع على عاتقهم مسؤولية تزويد الطلاب خلال المراحل التعليمية المختلفة بالخبرات العملية، وذلك عن طريق نقل تجارب السابقين إليهم، سواء كانت تجارب الأفراد أو تجارب الشعوب والأمم السالف منها والمعاصر، فإن ذلك كله يوسع مدارك الطالب وآفاقه ويكسبه الخبرة.

كما لابد من الاشارة الى حقيقة غاية في الأهمية ينبغي ألاّ ينساها المعلم والمرشد الطلابي وهي أنه كلما تعاون المرشد الطلابي مع المعلم في المساعدة على حل مشكلة الطالب وفهمه كان الفهم أعمق لنفسية الطالب، لأن المعلم أعرف الناس بطلابه، فقد يعرف عنهم أشياء وأموراً قد تخص ولي أمر الطالب والمرشد الطلابي، ولاسيما إذا كان المعلم مخلصاً في عمله محبوباً عند طلابه.

 وفي المجال التعليمي والتربوي يجب أن تعالج مشكلات الطلاب بأساليب تعتمد على الثقة والود والتوجيه ولا تلجأ إلى القسوة والتوبيخ والضرب، فهذه أمور تبعد الطلاب عن معلمهم وتنشىء بينه وبينهم جفاء وفجوة يصعب عليه معها تعديل سلوكهم.

ومن الأمور المهمة في التعامل مع الطلاب معرفة مراحل النمو التي يمرون بها فالتعامل مع الطفل الصغير يختلف عن التعامل مع المراهق، لأن هناك تغيرات في الفترة الانتقالية من الطفولة إلى المراهقة تحدث آثاراً نفسية تنعكس على سلوك المراهق، ومن هنا اخواتي لابد أن يتغير تعامل المربي كلما تغيرات حالة الطالب العمرية، فللطفل معاملة وللمراهق معاملة أخرى مختلفة.

وأخيراً فإن المدرسة في كل عام يلتحق بها عدد كبير من الطلاب، ينتمون لشرائح اجتماعية مختلفة وينتمون لبيئات متباينة، ودور المدرسة التربوي يحتم عليها التوحيد بين هؤلاء جميعاً، والعمل على خلق مجتمع متآلف ومتجانس، خال من الأحقاد والمنازعات العرقية، وهذا كله لا يتحقق إلا باتخاذ المدرسة من القيم الإسلامية منهجاً وأساساً لتربية النشء.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: برنامج المورد العذب-الحلقة الثامنة- الدورة البرامجية57.


تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا