في رحاب يوم الغدير
2025/06/15
25

إنّه من أفضل الأعياد عند المسلمين..

 

هو حدث عجيب وليس عن القوم ببعيد..

 

وعلى جري عادة الكتاب العزيز مع موضوع الإمامة لم تأتِ الآيات بالكلمات التي تجعل المحيد عنها مستحيلاً؛ وذلك رحمة بهذه الأمة التي سبق في علم الله تعالى أنّ أكثرها ستدير ظهرها للإمامة الإلهية كما أرادها الله تعالى ونص عليها رسوله (صلى الله عليه وآله): ﴿يا أيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنزِلَ إلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإن لَّمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النّاسِ إنَّ اللهَ لا يَهْدِي القَوْمَ الكافِرِين﴾ (المائدة: 67).

 

ها هو العام العاشر للهجرة النبوية الشريفة والنبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) يختتم مناسك الحج المباركة، ويتهيّأ لتبليغ الناس أمر شريعة السماء التي تطلب من الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) أن يبلِّغ ما أُنزل إليه.

 

هذا، مع أنّه بديهي جداً أنّه (صلى الله عليه وآله) قام بواجبه في التبليغ منذ اليوم الأول للدعوة.. فمنذ أن سمع قوله تعالى: ﴿قُمْ فَأَنْذِرْ﴾ قام يدعو إليه تعالى ليله ونهاره ولاقى في سبيل ذلك ما لاقى، حتى قال -بأبي هو وأمي-: «ما أُوذي نبيٌّ مثل ما أُوذيت»، وذلك من الأقارب والأباعد، قريش وثقيف وهوازن وغطفان وقريظة وقينقاع وغيرها من القبائل، وكان المسارع للتبليغ في كلِّ حين.

 

وها هو الثامن عشر من ذي الحجة وأُمة الإسلام في شأنٍ جديد تتحضر إلى أمرٍ عجيب.. وها هو النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) ينفّذ أمر ربِّه فوراً بأن حبس الناس ودعا من تقدم منهم أن يرجع إليه، ثم أمر بدوحات فجُعلن كالمنبر وكُنس ما تحتها، ونودي (الصلاة جامعة)، وهكذا كان يجمع الناس في غير وقت الصلاة، ثم أبلغ الناس ما أنزل الله تعالى بولاية أمير المؤمنين وأولاده الطاهرين (عليهم السلام).

 

قائلاً في بعض ما جاء من خطبته المباركة:

«مَعاشِرَ النّاسِ، ما قَصَّرْتُ في تَبْليغِ ما أنْزَلَ اللهُ تَعالى إلَيَّ، وَأنَا أُبَيِّنُ لَكُمْ سَبَبَ هذِهِ الآية: إنَّ جَبْرَئيلَ (عليه السلام) هَبَطَ إلَيَّ مِراراً ثَلاثاً يَأْمُرُني عَنِ السّلامِ رَبّي -وَهُوَ السَّلامُ- أنْ أقُومَ في هذا المَشْهَدِ فأُعْلِمَ كُلَّ أبْيَضَ وَأسْوَدَ: أنَّ عَلِيَّ بْنَ أبي طالِب (عليه السلام) أخي وَوَصِيّي وَخَليفَتي عَلى أُمَّتي وَالإمامُ مِنْ بَعْدي، الَّذي مَحَلُّهُ مِنّي مَحَلُّ هارُونَ مِنْ مُوسى إلّا أَنَّهُ لا نَبِيَّ بَعْدي، وَهُوَ وَلِيُّكُمْ بَعْدَ اللهِ وَرَسُولِهِ» (الاحتجاج، للطبرسي: ج١/ص٨٣). ثم ضرب بيده المباركة إلى عضد أمير المؤمنين علي (عليه السلام) فرفعه.

 

وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) منذ أول ما صعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) منبره على درجة دون مقامه مُتيامِناً عن وجه رسول الله (صلى الله عليه وآله) كأنَّهما في مقام واحد، فرفعه رسول الله (صلى الله عليه وآله) بيده وبسطهما إلى السماء ورفع عليّاً (عليه السلام) حتى صارت رجله مع ركبة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ثم قال: «أيُّهَا النّاسُ، مَنْ أوْلى بِكُمْ مِنْ أنْفُسِكُمْ؟ قالوا: اللهُ ورَسوُلُهُ. فَقالَ: «ألا فَمَنْ كُنْتُ مَوْلاهُ فَهذا عَلِيٌّ مَوْلاهُ، اللّهُمَّ والِ مَنْ والاهُ وَعادِ مَنْ عاداهُ وَانْصُرْ مَنْ نَصَرَهُ وَاخْذُلْ مَنْ خَذَلَهُ».

 

  • السيد محمد الجزائري
__________________________________________
نشرة الكفيل/نشرة أُسبوعيةٌ ثقافيةٌ (مجانية)، تتناولُ المعارفَ القُرآنيةَ، والعقائديةَ، والفِقهيةَ، والتاريخيةَ، والأخلاقيةَ، والتربويةَ، والاجتماعيةَ، والصحيةَ بأُسلوبٍ مبسّطٍ ومختصرٍ، تصدر عن العتبة العباسية المقدسة/ العدد 1025.
تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا