من هو المعلم؟
2020-07-28 07:56:30
4432

في البدء لابد من لنا من وقفة حول المعلم ومفهوم هذه التسمية والصفات والسمات الشخصية الواجب على المعلم التحلي بها لإكمال دوره التربوي، فمن هو المعلم؟

أيتها الأخوات الفضليات منذ القدم والنظرة للمعلم نظرة تقدير وتبجيل على أنه صاحب رسالة مقدسة وشريفة على مر العصور، فهو معلم الأجيال ومربيها، وإذا أمعنا النظر في معاني هذه الرسالة المقدسة والمهنة الشريفة نجد أخواتي أن مهنة التعليم الذي اختارها المعلم وانتمى إليها إنما هي مهنة أساسية وركيزة هامة في تقدم الأمم وسيادتها.

 ولكن نجد أن النظرة قد اختلفت عبر العصور من حيث الأدوار التي يؤديها المعلم، فقديماً أي ما قبل عصر التربية الحديثة كان ينظر للمعلم على أنه ملّقن وناقل معرفة فقط وما على الطلاب الذين يعلمهم إلا حفظ المعارف والمعلومات التي يوصلها إليهم، كما أن المعلم يعتبر المسئول الوحيد عن تأديب الأولاد وتربيتهم دونما أهمية لدور الأسرة والبيت في التنشئة والتربية السليمة.
بيد أن هذا المفهوم قد تطور في عصر التربية الحديث، وأصبح ينظر إلى المعلم على أنه معلم ومربٍ في آن واحد فعلى عاتقه تقع مسؤولية الطلاب في التعلم والتعليم والمساهمة الموجهة والفاعلية في تنشئتهم التنشئة السليمة من خلال الرعاية الواعية والشاملة للنمو المتكامل للفرد المتعلم "روحياً وعقلياً وجسمياً ومهارياً ووجدانياً".

 إن المعلم هو الشخص الذي يؤتمن على أهم ما يملكه المجتمع أو الأفراد من ثروة ونقصد بهذه الثروة فلذات الأكباد وتكمن أهمية المعلم في كونه الشخص الذي يعتمد عليه في رعاية هذه الثروة واستثمارها الاستثمار الأمثل الذي يخدم أهداف المجتمع وطموحاته فهو يقوم بعملية التعليم ويرعى تربية الأبناء ويلاحظ نموهم في شتى المجالات.

وقد دعا ذلك بعضهم إلى تسمية مهنه المعلم بالمهنة الأم نعم ايتها المستمعات وذلك لأنها مهنة سابقة وأساس لتمكين الأفراد من الالتحاق بأي مهنة أخرى فالمهندس والطبيب والطيار والسائق وغيرهم لابد أن يتلقوا دراسات في تخصصاتهم المهنية المختلفة على أيدي متخصصي المهنة الأم أي المعلمين في المدرسة بمراحلها المختلفة أو في الجامعة بشتى كلياتها وتخصصاتها وبقدر الاهتمام والتطور الذي يلحق بعمل المعلم بقدر ما يؤدي هذا العمل إلى نمو الطلاب وتطورهم.

ولا غرو من أن المعلمون يتركون آثاراً واضحة على المجتمع كله وليس على أفراد منه فحسب، كما هو الحال مع الأطباء مثلاً، فالمعلم في الفصل لا يُدرّسُ لطالب واحد فقط، وإنما للعشرات وهو بهذا يمر على مئات التلاميذ خلال يوم واحد من أيام عمله، فمثلا الطبيب عندما يعالج مريضاً فهو إنما يعالج الجزء المعتل في بدنه فحسب وليس البدن كله وهو لا يؤثر على المريض ذلك التأثير الذي يتركه المعلم على عقول طلبته وعلى شخصياتهم وكيفية نموها وتفتحها على حقائق الحياة، وأحياناً على مسارات حياتهم ما بقي فيهم عرق ينبض.

وينبغي أيضاً أن يعرف المعلم الصفات التي ينبغي توافرها في المعلم الجيد ومن هذه الصفات ما هو فطري يتعلق بذات المعلم وخصائصه الطبيعية ومنها ما هو مكتسب يتعلق ما تعلمه خلال مراحل إعداده وعمله المهني من صفات عقدية وأكاديمية ومهنية.

ومعرفة المعلم هذه الصفات والمهام يساعده على محاولة تعديل سلوكه والتكيف من أجل اكتساب تلك الصفات المرغوبة التي تنسجم مع مهام المهنة ومكانتها والي تحسن من صورته أمام الآخرين  فمنها ما هو جسمي ومنها ما هو عقلي كما أن منها ما يتعلق بالجانب الوجداني.

فمثلاً ينبغي أن يتمتع المعلم بصحة جيدة فخلو جسمه من الأمراض المزمنة أو الخطيرة أمر يساعد كثير على تحمل مشاق عمله ولا غرابه في ذلك اخواتي فالتدريس مهنة تتطلب جهدا فكريا بالإضافة إلى الجهد البدني وقد يرى بعضهم عكس هذا الرأي قائلا:" ما أسهل عمل المعلم " ولعله يقصد بذلك مستمعتي  المعلم الذي يلقي بعض المعلومات في غرفة الصف أو الذي يشرف على تعلم الطلاب بعض المعلومات أو المهارات ولكننا نقصد بطبيعة الحال المعلم الذي يؤدي عمله كما ينبغي أن يكون ويستمر فكره مشغولا في الطريق وفي منزله بطلابه وبمشاكلهم التعليمية المختلفة كما يستمر جهده البدني لعلاج تلك المشكلات وهو ما يجعلنا نؤكد على أهمية الصحة الجسمية والعقلية للمعلم وبخاصة عند بدء التحاقه بالمهنة في شبابه.

 كما يجعلنا نؤكد اخواتي على أهمية الرعاية الصحية الدائمة له عقب التحاقه بالمهنة للمحافظة على قدر عال من اللياقة الصحية حتى عند تقدمه في العمر
ومن الصفات العقلية والنفسية المطلوب توافرها في المعلم.

أن يتمتع المعلم بقدر من الذكاء والفطنة التي تمكنه من التصرف بطريقة سريعة ومناسبة في مواقف مختلفة فتنوع الأحداث وتباينها في غرفة الفصل يتطلب من المعلم قدرا من الحكمة كرد فعل لهذه الأحداث وهو مالا يمكن أن يقوم به بنجاح من يفتقر إلى قدر معقول من الفطنة والذكاء اللازمين في مثل هذه الحالات.

إضافة الى تعدد الصفات الوجدانية المرغوبة في المعلم والتي منها: الإيمان الراسخ بالعقيدة الإسلامية لان هذا الإيمان لابد أن ينعكس بقصد أو دون قصد على سلوكيات المعلم التي يقتدي بها طلابه ويعملون على تقليدها فعقيدة المعلم المسلم توجه يقوم بمهامه في ضوء تلك العقيدة من جهة ويعمل على غرسها في نفوس الطلاب من جهة أخرى.

 

 

 

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: برنامج المورد العذب-الحلقة الأولى- الدورة البرامجية57.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا