الأسرة وكيفية تعاملها مع الطفل المعاق
2020-07-15 09:02:33
492

يمثل الطفل ذو الاحتياجات الخاصة عائقاً في حياة إخوته وأسرته. ويبدو هذا واضحا أكثر في الأوساط الشعبية التي ينتشر فيها الفقر والأمية، وتقسو الظروف على الجميع، وخاصة على الأطفال الذين يجدون أنفسهم محرومين من أبسط أشكال الرعاية والأمهات يجهلون أبسط المبادئ والقواعد المتعلقة بالتعامل مع الأطفال بشكل عام وخاصة مع المعاقين وذوي الاحتياجات الخاصة الذين يمثلون عبئاً مادياً ونفسياً ثقيلا على آبائهم وإخوتهم، سواء في الأسر الفقيرة، أو حتى في الأسر الغنية، مما يستدعي التفكير في الطرق التي نستطيع بها مساعدة هذه الأسر في تحمل أعبائها والتعامل مع أطفالها المعاقين بما يساعد على التخفيف عنهم وقبول الآخرين لهم.

والإعاقة ليست مشكلة خاصة بالمعاقين وأسرهم. وإنما هي مشكلة يواجهها المجتمع كله. فالمعاقون أو ذوو الاحتياجات الخاصة تتراوح نسبتهم في بعض المجتمعات العربية بين 2% و 3% والشعور بالإعاقة وبتأثيراتها يختلف حسب درجة القرب أو البعد من الشخص المعاق، فشعور الإخوة وبقية أعضاء الأسرة بالإعاقة التي يعاني منها أحد أفرادها غير شعور الآخرين الذين لا تربطهم بالشخص المعاق رابطة خاصة.

من هنا كان التركيز مستمعاتي في هذه الحلقة على إخوة المعاق وعلى الأساليب والوسائل التي نستطيع بها إرشادهم ليتقبلوه ويساعدوه على التغلب على إعاقته والتخفيف من تأثيراتها السلبية وتنمية قدراته والاندماج في حياة الأسرة وحياة المجتمع.

ويعتقد معظم الباحثين في مشكلة الإعاقة أن إخوة الطفل المعاق يشاركونه معاناته، أو يعانون مشكلته أكثر منه، ويستطيعون أن يساعدوه أكثر من غيرهم، ولكنهم يحتاجون إلى الخبرات والإرشادات التي تمكنهم أولا من التغلب على معاناتهم الشخصية، وتمكنهم بالتالي من مساعدة أخيهم المعاق.

إن وجود الطفل المعاق في الأسرة "له تأثيرات سلبية على توافق إخوته بسبب ما تفرضه بعض الأسر على نفسها من عزلة تحد من فرص اندماج إخوة الطفل واختلاطهم بالآخرين في الحياة والمناسبات الاجتماعية، وربما بسبب تململ إخوة الطفل وامتعاضهم من الانشغال المستمر للوالدين بهموم الطفل واهتمامهما برعايته.

وفي هذا المجال تؤدي الثقافة والاعلام دوراً خطيراً سواء في الإجابة على أسئلة الأخوة ومساعدتهم في التغلب على معاناتهم والتكيف مع ظروف الإعاقة ومواجهة تأثيراتها السلبية عليهم، أو في علاج الأخ المعاق ومساعدته في كسر الحواجز القائمة بينه وبين الآخرين والاندماج في حياتهم.
فيا ترى اخواتي المستمعات ما الذي تستطيع الثقافة والفنون أن تقدمه للطفل المعاق وأخوته؟ وما هي الأساليب والوسائل التي يمكن من خلالها سد الفجوة بين المعاقين وذويهم؟ وكيف نقدم إرشاداً ثقافياً وفنياً لعلاج هذه المشكلة؟

لاشك إن الثقافة عامة تساعد على فهم الأسباب المؤدية للإعاقة، كما تساعد على قبول المعاقين والتعاطف معهم وتشجيعهم على التعبير عن أنفسهم وتنمية قدراتهم والاندماج بقدر الامكان في المجتمع الذي يعيشون فيه.والثقافة التي نقصدها هنا لها معنيان! الأول هو الثقافة العامة، أي الاستنارة والعقلانية وسعة الأفق ورحابة الصدر وقبول الآخرين. وباختصار كل ما يجعل الإنسان قادراً على التعامل مع غيره من البشر بفهم وإدراك ورغبة في تحسين شروط الحياة بالنسبة للجميع، والتعاون مع الجميع لصالح الجميع، والمعنى الآخر للثقافة المقصود هنا هو المعنى العلمي المتمثل في الثقافة النفسية التي تستطيع أن تخضع الإعاقة للبحث العلمي، وأن تزود المجتمع عامة والأسرة خاصة بالمعلومات والخبرات التي تساعد الجميع على التعامل مع المعاقين بما يجعل الأسرة مهيأة نفسياً ومادياً لقبول الطفل المعاق وتوفير أفضل الشروط التي تساعده على مقاومة إعاقته، وتنمية قدراته، والاندماج في مجتمعه الصغير والكبير.
ومن المعروف أن البيئات الشعبية خاصة في بلادنا تميل إلى تفسير الإعاقة بشكل عام، والإعاقة الذهنية خاصة تفسيراً بعيداً عن الواقع، وهذه النظرة الخرافية، تحول بين المعاق وبين المجتمع عامة وإخوته وأسرته بشكل خاص.ومن الطبيعي أن تنعكس معاملة الأسرة لطفلها المعاق بهذه الطريقة على الأسرة نفسها، إذ يشعر أفرادها بالذنب؛ لأنهم يعاملونه بهذه الفظاظة أو يشعرون بالنقص لأن لهم أبنا معاقاً يطلقون عليه أسماء مهينة تعرضه للسخرية وتنتقص من قدره.
وقد تبالغ بعض الأسر، خاصة الغنية، في تدليل ابنها المعاق وتعامله بطريقة تحرمه من الاعتماد على نفسه وتشعره دائماً بالحاجة إلى غيره، وتشعر إخوته وأهله عامة بأنه عالة عليهم، وتكون النتيجة مماثلة لما تسببه المعاملة القاسية، وهي عزلة الطفل المعاق، وعجزه عن الاندماج.

والحاجة الماسة لتفسير موضوعي للإعاقة يجعلها مفهومة ويخرجها من إطار التفسيرات الخرافية، هذا التفسير الموضوعي هو الأساس الذي نبني عليه برنامجاً مزدوجاً للتعامل مع الطفل المعاق من ناحية لمساعدته وتعليمه وتدريبه على الاندماج، وللتعامل من ناحية أخرى مع المجتمع والأسرة والأخوة لمساعدتهم في التعامل بإنسانية وفهم مع الطفل المعاق وقبوله واحتضانه والتخلص من الشعور نحوه بالذنب أو بالنقص.

وفي النهاية أيتها المربيات نقول أن الإعاقة لها نتائج لا تنفع معها الثقافة وحدها أو الإرشاد وحده في بعض الأحيان، وإنما تحتاج فوق ذلك إلى العلاج النفسي على يد أطباء نفسانيين محترفين أو على يد أفراد الأسرة الذين يمكن أن يساعدوا الأطباء ويكملوا عملهم. عن طريق تدريب الأسرة على كيفية التعامل معهم.

 

 

 

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر: برنامج أسرتنا إلى أين؟- الحلقة الثامنة-الدورة البرامجية56.

 

 

 



تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا