الغرور عند بعض الأطفال
2020-06-08 06:44:40
975

أختي الفاضلة إن الأسرة هي المؤسسة التربوية الأولى التي يترعرع فيها الطفل ويفتح عينيه في أحضانها حتى يشب ويستطيع الاعتماد على نفسه ويلتحق بعدها بالمؤسسة التعليمية الثانية وهي المدرسة حيث تشكل شخصية وسلوكياته وطريقة تعامله مع أقرانه نتيجة التنشئة الاجتماعية التي استقاها من والديه إلا أن بعض الآباء يغرسون في أبنائهم بطريقة غير مباشرة طبائع وتصرفات سلبية باعتبارهم القدوة الاولى في حياتهم ولعل أبرز تلك الصفات السبية الغرور والتعامل مع الآخرين بطريقة يشوبها التعالي وعدم الاحترام حيث تتبلور التبريرات لدى الأبناء بأن هذه التصرفات هي الصحيحة كونها صادرة عن والديه.
عزيزتي الفاضلة قد تخطئ بعض الأمهات في فهم سلوك الغطرسة لدى صغيرها الذي لا يتجاوز السنوات العشر وتفسر تصرفاته بأنها تنم عن ذكاء أو ثقة كبيرة في النفس إلا أن ملاحظات الصغير التلقائية أو اعتراضه السريع أو عزوفه عمن يحوطه ما هي إلا بوادر لظهور صفة التعجرف في سلوكه.
 وإن الكشف عن السبب الحقيقي الكامن خلف هذه الغطرسة سوف يساعد إيجاباً على تقويم سلوكه.

كما أن الغرور صفة من الصفات التي تلازم الطفل حتى في سن مبكر جداً من عمره يزرعها الأهل فيه من خلال تمجيد وتمايزه عن بقية الأفراد سواء كانوا داخل الأسرة أو خارجها وسواء كانت هذه التمايزات متواجدة أم لا، تجعل الطفل يصدق ما يقال عنه فيكون الفشل حليفه بسبب اهتماماته المفرطة بذاته على حساب الاهتمامات التي ينبغي إعطائها الأولوية لتحديد مستقبله باعتباره أنه سيقضي نصفاً منه أمام المرآة يتأمل ثيابه ويستمع الى مدح الآخرين وما يحوله  إلى نرجسي يعجب بذاته وشخصيته فيرى نفسه أرفع بدرجات عن غيره بكثير إذ أنه لا يخطئ أو بالأحرى لا يرى خطأ ولا يرى عيباً في تصرفاته يتكبر ويتمرد ويرفض إرادته على الآخرين بأنه على صواب والبقية عكس ذلك يسخر ويستهزأ وكأنما العالم وجد لذاته هو.

ومن ناحية ثانية قد يكون سبب غرور طفلك على عكس ما ذكر اهتمام ومحبة مفرطة فعدم الاهتمام بمشاعر الطفل وعدم الالتفات حول ما يصنع ويصدر منه يشعره بالنقص وبتحقير إنجازاته وعدم المبالاة له مما يسبب له عقدة الترفع والغرور للهرب من واقع الحال الذي يعيشه فيرسم لنفسة مخرجاً بداخله وينمو ويكبر معه وتحت تأثير نقصه يحاول إثبات ذاته أمام الآخرين بالترفع عنهم حتى ولو لم تأت انجازاته على قدر يستحق الغرور والتمايز عن الآخرين.

إن أبرز الاسباب الشائعة التي تكمن خلف إصابة الطفل بالغرور هي:

لفت الانتباه: ويميل الطفل في هذه المرحلة المبكرة الى إظهار مواهبة ومهاراته وإثبات ذاته بهدف لفت الانتباه ونيل الثناء ما قد يصيبه بالغرور مع مرور الوقت والافراط في مدحه.

الشعور بالغيرة: فيعتري الطفل الشعور بالغيرة والاستياء نتيجة مقارنة قدراته بقدرات إخوانه أو أقرانه ما يجعله يواصل إظهار مواهبه واستعراض قدراته بهدف اكتساب إعجاب الآخرين وتعزيز شعوره بأنه الأفضل على الدوام.

-فخر الآباء: حيث يؤدي افتخار الوالدين بمواهب صغيرهما خلال سنواته الأولى الى شعور الطفل بأنه مركز هذا الكون ما يجعله يغرق في إعجابه بذاته وبقدراته الفريدة.

إغفال العيوب: فمن الملاحظ إن دلال الوالدين المفرط للصغير والامتناع عن توجيه سلوكه والإشادة غير الواقعية بقدراته مصحوبة غالباً بإغفال عيوبه ونقاط ضعفه تشكل أبرز أسباب شعوره بأنه الأفضل على الإطلاق.

- شغف المنافسة: فيهتم بعض الاباء بتنمية مشاعر المنافسة لدى الطفل بهدف الفوز منذ الصغر وذلك بإقناعه ان معدل ذكائه يتجاوز اقرانه ما يؤدي به الى الثقة المفرطة في النفس والتي قد تبلغ حد الغرور والتعالي على الآخرين.
إن الثقة الزائدة عزيزتي الأم في النفس هي عبارة عن فرض الطفل التقدير والاحترام لشخصه من خلال تصرفاته وسلوكه حيث أن التربية الجيدة المتوفرة للطفل تساعده على التحلي بهذا الشعور بصورة إيجابية أما البيئة غير الجيدة فتمنحه هذه الثقة بصورة سلبية والذي يساعد على تكون هذه الصورة الأسرة والمدرسة والأصدقاء.

وأيضاً إن الثقة الزائدة قد تتحول الى غرور بسبب الدلال الزائد من قبل الأهل فيشعر الطفل بأنه قوي ورأيه هو الصواب في كل الأوقات وبالتالي لا يكترث بما يطلبه منه الآخرون ولا يحترم آراءهم ويعتقد أنه قادر على إخضاع الجميع لطلباته وإرغامهم على تنفيذ رغباته ويصبح أنانياً وحاقداً على كل من يخالفه الرأي أما في حال توجيهه على استخدام هذه الثقة بصورة إيجابية فإنه يخرج للمجتمع شخصاً متزن التصرفات قادراً على تحمل المسؤولية. 
عزيزتي الفاضلة هنالك نصائح سلوكية تهم الطفل وهي:

-على الأم أن تعزز روح المشاركة لدى طفلها ولا تكون عائقاً أمام نواياه الحسنة في مساعدة الآخرين فأن الطفل المتغطرس لا يولد مع هذه الصفات وإنما يكتسبها نتيجة التفكير في نفسه دون الآخرين.

-اذا لاحظت الأم أن طفلها مصاب بالغرور فلا تقوم بتعنيفه أمام أصدقائه بل اتباع طريقة غير مباشرة في لفت انتباهه كي لا تتسبب في إحراجه أمامهم.

على الأم أن تتبع أسلوباً تربوياً متدرجاً في تقويم سلوك الطفل لا تتعجل النتائج من خلال الحوار العقلي القائم على الإقناع وليس الالزام.

مكافأة الطفل ع التميز بين أقرانه عبر اعداد برامج ترفيهية بمشاركة اصدقائه ما يعزز لديه شعور الجماعة ويقلل من تركيزه على ذاته وافتخاره بنفسه.
على الأم أن تشعر طفلها بحبها له وفخرها به بغض النظر عن النتائج التي يحققها.

اهتمام الام بتنمية الصفات الايجابية في شخصية الطفل ولايشعر بالدونية او النقص في قدراته ما يدفعه الى الانطواء على نفسه وعزوف أصدقائه عنه بسبب اعتقادهم أنه متعالٍ عليهم ما يزيد الأمر سوءاً.

عزيزتي الفاضلة يمكن أن نربي أبنائنا على التواضع لأن الغرور مرضاً اجتماعياً فأن تربية الأبناء بعيداً عن الوسط الذي يعاني من هكذا صفات سلبية وما يرافقها من تصرفات منبوذة فيه صعوبة كبيرة.

والأفضل تغير الوسط الاجتماعي الذي يعيشون فيه وتساعده المدرسة على ذلك من خلال والاتجاهات التي نغرسها في نفوس هذا الجيل وكذلك حب الخير لتحقيق النجاح ومحاولة إشراكه مع أقرانه بألعابهم ومشاركتهم في كل الأعمال التي تحاولون أن ينفذوها وتنمية الروح الانسانية التفاعلية ومحاولة التقويم الذاتي والتأمل قبل اتخاذ القرار والمشاركة في الحوار واستعمال الكلمات الجميلة وتعويدهم على عدم رفع الأصوات للحصول على إقناع الطرف الآخر وأخيراً التمثل بأخلاق القرآن الكريم وأخلاق رسولنا الكريم(صلى الله عليه وآله) وأهل بيته الطاهرين.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: برنامج نقش على الحجر-الحلقة الثانية عشرة- الدورة البرامجية51.


تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا