الغضب عند الأطفال
2020-06-04 10:56:37
710

التعامل مع غضب الأطفال إحدى أكبر التحديات التي يواجهها الآباء عبر مراحل نمو أطفالهم وما يدعو للأسف أن نرى أن المشاكل الناتجة عن غضب الأطفال آخذه في الازدياد بالاضافة الى أن التعامل مع الطفل الغاضب والتحكم في مشاعر الآباء صارت من أصعب الأدوار التي يقوم بها الوالدين أثناء عملية التربية.

إن طبيعة الغضب وظهوره هكذا فجأة وبلا مقدمات يجعله ضمن المشاعر التي يصعب التعامل معها، وقد بات الغضب والانفجار والارتباك والهموم اليومية والمشاكل التي تواجهها العائلة عناصر توتر ليست للوالدين فقط بل لكل أفراد العائلة.

وبالطبع ما أن نترك الغضب يجتاح صدور أبنائنا حتى يتحول الأمر الى ثورة تنتج عنها مشاعر الخوف والعنف والشغب مما قد يتسبب في توتر عائلي ربما يقود الى تمزق وانقسام في الأسرة.

عزيزتي الأم من مظاهر الغضب هو ثورة الطفل والبكاء عند تركه وحيداً ولعد قدرته ع جذب انتباه من حوله من الكبار أو الأطفال الآخرين فيلجأ الأطفال في السنوات الأولى من عمرهم الى مايسمى "نوبات الغضب" لتحقيق مطالبهم فمنهم من يلقي بنفسه على الارض غاضباً، ومنهم من يقوم بالصراخ بشكل هستيري متواصل وعدم التوقف عن الصراخ الا بالحصول ع ما يريد... وهنا نسأل كيف تتعاملين في هذا الموقف؟ خاصة اذا كان لديك أكثر من طفل؟ ماذا تفعلين في حالة حدوث نوبة من الغضب والعصبية لدى طفلك؟

عزيزتي..تذكري أن ثورة طفلك العارمة ترعبه رعباً جماً، واحرصي على أن لا يؤذي نفسه أو يؤذي أي شخص آخر فقد يضرب رأسه بعنف و يقوم بخربشة وجهك أو كسر مزهرية، وإنه سيرى في هذا التخريب برهاناً على قوته الهائلة ودليلاً على عدم قدرتك على السيطرة عليه وإبقائه آمناً عندما يكون خارجاً عن شعوره.

يمكنك المحافظة على سلامة طفلك في هذه الاثناء اذا قمت بالإمساك به برفق وعندما يهدأ يجد نفسه بالقرب منك ويرى أن شيئأ لم يتغير مع هذه العاصفة وشيئاً فشيئاً سوف يسترخي ويلجأ الى حضنك ويرتمي بين ذراعيك وسرعان ما تتحول صرخاته الى نحيب وها قد تحول الوحش الغاضب الى طفل مثير للشفقة فهو قد أتعب نفسه من الصراخ وأخافها بالأفعال السخيفة أما الآن فقد حان وقت الراحة.

عزيزتي..هناك عوامل عديدة تؤثر في إحداث الغضب عند الأطفال ومعظم مصادر الغضب تأتي من الآخرين وبالأخص من والديه أو إخوته أو أقرانه في المدرسة أو إجبار الطفل على القيام بعمل ما هو لا يحبه كأن تأمره والدته بأن يحضر كأساً من الماء لأخته مثلاً والتعرض لأوامر عديدة ومستمرة من قبل والديه مما يساهم في تراكم الضغوط التي تجعله ينفجر غضباً كأن تأمره والدته عدة مرات بأن لا يرتدي هذا الثوب أو لا يمشي مع هذا الشخص أو لا يذاكر دروسه وهو يشاهد التلفاز أو لا يخرج من البيت وهكذا مما يعرقل من حرية الطفل ونشاطه.

سيدتي يصاب الأطفال بخيبة الأمل حين يتطلعون للقيام بإعمال لا يستطيعون أداءها ويشعرون بالإحباط؛ لأنها لا تتم كما يودون كما أن الآباء يثبطون عزم أبنائهم لأنهم يحاولون عادة بسط نوع من التحكم الكامل عليهم وهو أمر يتعارض مع إحساس الطفل بضرورة نيله الاستقلال الذاتي وهذه مرحلة تبدأ عادة بعد سن الثانية وتكتنفها نزعات كثيرة في داخل الطفل؛ لأنه يقع في تناقض بين النزعة الى الاستقلال وبين طاعة أمه وأي محاولة تبذلها الأم في هذه المرحلة للتحكم بشكل مباشر في تصرفات الطفل تقود الى نوبات من الغضب فمن المحتمل أن يقاوم الطفل في هذه المرحلة إجباره على تناول طعام معين أو حمله على الذهاب الى فراش نومه اذا لم يكن يرغب في ذلك وإذا شعر الطفل بأن أمه تستخدم قوتها أو ذكاءها لتهزمه فأنه سيثور وتنتابه نوبة من الغضب.

عزيزتي الأم لو انتاب طفلك الغضب فما هو الحل؟

أن عقاب طفل غاضب أو الطلب منه التوقف عن الغضب سيعود بنتائج سلبية أبعد بكثير مما نتخيل نتائج ستؤثر على صحته النفسية والجسدية وسلامته العقلية والذهنية.

إن مشاعر الغضب تقلل من سرعة شفاء الطفل المريض فأن مشاعر الغضب التي لا يمكننا تهدئتها أو التخلص منها قد تصبح نافذه لدخول العديد من الأمراض الى الجسم كالاكتئاب وأمراض القلب والتهاب المفاصل وبعض أنواع السرطانات.

إن كلاً من الغضب المكبوت أو الغضب المعلن عنه في صورة ثورة يأتيان بنتائج سلبية على عملية الشفاء من الأمراض الأخرى.

إن قلة خبرتنا في التعامل مع غضب أولادنا يمكنه تحريك المشاعر التي تقلل من شعورنا بالكفاءة كآباء الامر الذي يجعل الخلافات تنشب بين الآباء والأبناء ولأن كلا منهما يريد تنفيذ إرادته الخاصة وفي النهاية يفوز الآباء بقولهم: "لقد قلت ذلك ولن أغير رأيي".

سبب تربيتنا الخاطئة والافكار المغلوطة التي ورثناها كآباء من أسرنا تعلمنا في طفولتنا بأن الغضب شعور سيء وأن الانسان سيء وإن غضبنا فهذا هو الخطأ الأكبر، هذه المعتقدات الخاطئة جعلتنا غير قادرين على التعامل مع غضب أبنائنا.

لذلك عندما نواجه غضب أبنائنا بغضب نحول الأمر لتأتي بنتائج عكسية اذ ليس من الحكمة معاقبة الطفل، لأنه عبر عن شعوره بالغضب لأن ذلك سيزيد من حدة المقاومة لدى الطفل وسيشعره بمزيد من الغضب.
إن معاقبتنا لطفلنا فيما لو حاول التعبير عن مشاعره مهما كان شكلها سيحرم الطفل من الجو الهادئ المريح الذي يمكنه فيه التعبير عما يشعر به دون خجل او قلق كذلك سيمنعنا كآباء من معرفة سر غضب طفلنا وأسباب الثورة التي لديه وهكذا سنغلق الباب على انفسنا وسنقيم حاجزاً وحائطاً بيننا وبينهم بدلاً من أن نفتح طريقاً لنا ولهم لمحاورتهم وفهمهم وتقديم المساعدة لهم الأمر الذي سيقودهم الى حالة من الكبت يصعب التخلص منها بسهولة.

عزيزتي الأم هنالك العديد من الأساليب للسيطرة على الغضب فأن من الخطأ الاستهانة بالتصرفات التي تثير غضب الطفل وعدم الأكتراث بمعالجتها وبشكل سريع لأن زيادة الغضب تجعله متوتراً وبعد مرور الوقت يصبح عدوانياً مشاكساً يفتقد الى المحب والصديق بل حتى الى الحياة الحلوة الهانئة والطفل حين تأتيه نوبة الغضب يجدر التعامل معه بشكل يختلف عن التعامل معه في الأوقات الطبيعية وهو كالتالي:-

1- عدم مناقشته:

إن الطفل في السبع سنوات الأولى من حياته حين يغضب يصبح بشكل يفهم ولا يسمع ما يقال له فالغضب يسد منافذ وعيه من أن يعترض عليه الوالدان بكلمه أو فعل.

2- قبول غضبه:

حين ترفض الأم طلب طفلها في مرحلته الأولى يهيج ويصرخ ويضرب رأسه بالأرض أو يحاول تكسير كل حاجه إمامه وينبغي أن تمسك الأم طفلها بحنان والحذر في مثل هذه الحالة أن تمسكه بعصبيته وقسوته بل بقبول ورضا لأن الغضب في مثل هذه المرحلة ولعدم استجابة والديه له تعد طبيعية لا يحاسب عليها أولاً وتقابل بلطف ثانياً.

3- عدم معاقبته:

يحسن بالوالدين أن يتركا الطفل الغاضب وشأنه ويتحلون بالصبر وعدم معاقبته وكذلك مكافأته فليس من الصحيح أن تقول الأم لطفلها الغاضب وهو في المرحلة الأولى من عمره "أن تسكت أعطيتك قطعة من الحلوى" أو تقول: "اذا لم تكف عن الضراخ سأضربك".

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر: برنامج نقش على الحجر-الحلقة السابعة- الدورة البرامجية51.


تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا