التسيب المدرسي
2020-05-10 08:13:57
548

 لقد حثت الآيات القرآنية والأحاديث الشريفة الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام) على أهمية العلم وضرورة التعلم وشجعوا الناس على ذلك من خلال الترغيب إليه وبذل الوقت والجهد والمال من اجل الحصول على العلم ونذكر أحد أحاديث الرسول (صلى الله عليه وآله) في هذا الصدد حيث قال: "من لم يصبر على ذل التعلم ساعة بقي في ذل الجهل أبداً". 

من الجلي والواضح أن من يستمع الى قول الرسول الأعظم يفهم إن على الانسان عدم ترك العلم حتى ولو كان مع ذل السعي إليه رغم أن الدين الإسلامي هو الديانة السماوية التي حافظت على كرامة الانسان وحفظ ماء وجهه إلا في طلب العلم !! فقد أجاز له ذلك أي أن يتعلم الفرد ولو مع الذلة ومن أصدق من الرسول حديثاً ؟ ولهذا وبما أننا نقتدي بأهل البيت (عليهم السلام) علينا أن نتبع تعاليمهم وتوجيهاتهم في كل مناحي حياتنا ونحن اليوم نتكلم عن التعلم وأهميته الذي شجعنا عليه الرسول(ص وآله) نبتغي أن نسلط الضوء على مسألة التسيب المدرسي وترك الدراسة لأطفالنا فرغم التطور والحداثة التي يشهدها العالم إلا أننا نجد أن الاميّة سواء من الذكور أو الإناث لا تزال تسري في في البلدان والأسباب متعددة وقد تختلف من مكان الى آخر ولعل من أبرزها هو الظروف التي يشهدها وطننا من التهجير والحروب والقتل وغيرها أدت الى أن يترك الكثير من الطلاب مقاعدهم الدراسية ومنهم من ذهب ليعيل اسرته أو من لم يكن لديه ما يكفي لاحتياجات المدرسة ... كل هذا وذاك أمور أدت الى أن يترك الدراسة البعض ومنها ما صارت ظروفه حافز للتغيير لواقعه الذي يعيشه ونشاهد الكثير منهم ممن يعمل ويدرس أو يساعد أسرته ويذهب الى المدرسة، ولعل ليس للكل مثل هذه الظروف القاسية التي قد تؤدي الى ترك الدراسة بل، ان هنالك الكثير ممن ظروفهم جيدة رغم هذا يتركون الدراسة.

  إن الحياة في تغير مستمر وظروفها متقلبة وبالتأكيد دوام الحال من المحال ويعد العلم والشهادة هي سلاح للإنسان مهما تغيرت الظروف وتبدلت الأماكن ونسمع الكثير من القصص التي تشيد بالجهاد من أجل تحصيل العلم والمثابرة في سبيل بلوغ المراتب اللائقة التي تنهض بالواقع الذي يعيشه هؤلاء الصغار ومن الجدير بالذكر أن ليس كل الطلاب ممن ترك الدراسة لديه ظروف قاسية أو أنه يعيل بأسرة وغيرها حيث أننا نسمع عن بعض ممن يترك المدرسة لأن جو المدرسة لا يروق له أو أن المعلم الفلاني مزعج بالنسبة اليه أو لأن الأم تحتاج الى البنت لتساعدها في أعمال البيت وغيرها الكثير من الاسباب التي لا تعد مبرر مقنع والداهية الاصعب أننا نرى تجاوب الأهل معهم ويقفون موقف المتفرج دون أن يردعوهم او ينهونهم عن هذا القرار الخاطيء لأن الاطفال أو المراهقين لا يعرفون مصلحتهم ولا يهتمون للعواقب من وراء هذا الاهمال ولا يعون أهمية الشهادة والتعلم بتفكيرهم البسيط اضافة الى أن من واجب الاهل هو تحفيز ابناؤهم على الاصرار على الدراسة والتعلم.

إن الله سبحانه وتعالى قد وهب لكل موجود ما يحتاجه وجاءت التعاليم الاسلامية والشرائع السماوية تنظم استعمال الموارد والمواهب الطبيعية وحاجة الانسان للتعلم لا تقل عن حاجته للغذاء والراحة والآيات القرآنية  والأحاديث الشريفة لم تهمل هذا الجانب أبداً بل اعطته الاهمية البالغة وشجعته على ذلك ايضاً لأن العلم يحصنه من الآفات التي تلعب بعقله وتجرفه الى حيث لا يعلم وهذا ما ورد في حديث الرسول الاعظم (صلى الله عليه وآله) حيث قال: " إن الفتنة تجيء فتنسف العباد نسفاً وينجو العالم منها بعلمه".

وهذا ما رأيناه جلياً بعد الاحداث التي تعصف بالبلاد فينساق الشباب والأطفال والرجال والنساء وراء كل ناعق ينعق دون أن يعرفوا أن كان ما يدعوا إليه حق أو باطل.

اضافة الى أن ترك الدراسة دون مبرر رغم انه ليس هنالك مبررات مقنعة دائمة ، فترك المدرسة يخلق جوا من الفراغ يلعب دوراً هاماً في التأثير على عقول الناس ويجعلهم دون هدف وغاية والتعلم لا يقتصر بعمر محدد او جنس واحد بل إن التعلم يشجع عليه الاسلام والمجتمع المتمدن؛ فالمتعلم ينظر الى الحياة نظرة ملؤها الامل والتطلع نحو المستقبل المشرق ونحن سمعنا أن من نال الدرجة الاعلى في العراق كان من الريف من منطقة شديدة البعد عن المدرسة ولم تثنيه هذه الظروف بل زادت من عزيمته واصراره حتى نال ما يستحقه ونحن نتمنى له التوفيق وأن يحذو ابناؤنا حذوه في هذا الاصرار والمثابرة وقوة العزيمة، وربما الامثلة كثيرة ولكن لا يسعنا الوقت لذكرها.

 

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر: برنامج المفاتيح البيضاء- الحلقة التاسعة-الدورة البرامجية54.

 

 

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا