الفتاة هي الأم المربية والزوجة الصالحة
2021/03/13
1209

أختي الكريمة الفتاة هي الأم والمربية والزوجة صالحة؛ فهي عماد المجتمع وأساسه وعلى ذلك ينبغي للمرأة أن تتحلى ببعض الصفات لكي تنجح بما امتحنها الله سبحانه وتعالى، فعلى المرأة الواعية المربية أن تكون طالبة للعلم حريصة عليه، ذلك لأنها تعلم أنه حياة القلوب، ونور البصائر وشفاء الصدور، ورياض العقول، وهو الميزان الذي توزن به الأقوالُ والأعمال والأحوال، وهو الحاكم المفرّق بين الغيّ والرشاد، والهدى والضلال، به يُعرف الله ويُعبد ويُذكر ويُوحد، ويُحمد ويُمجّد. به تعرف الشرائع والأحكام، ويتميز الحلال عن الحرام، وهو إمام والعمل مأموم، وهو قائد والعمل تابع، مذاكرته تسبيح والبحث عنه جهاد ، وطلبه قربه، وبذله صدقة، فالمرأة الواعية المربية حريصةٌ على طلب العلم مجاهدةٌ في الحصول عليه والزيادة منه تدعو بما أمر الله به رسوله صلى الله عليه وآله: {وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً}.. والمرأة المربية ذات لسان سؤول لا يمنعها حياؤها عن تعلم شيء تجهله، فعليها أن تكون فاعلة في الدور لحفظ كتاب الله وتعلمه و« خيركم من تعلم القرآن وعلّمه ».. وتسمع الأشرطة للمحاضرات النافعة، وتقرأ الكتب الشرعية لكي تزداد في دينها بصيرةً، و متابعتها للدروس العلمية ولمجالس العلماء ، سواء في الحضور المباشر أو عن طريق وسائل الإعلام من قنوات واذاعات ارشادية دينية  كإذاعة القرآن الكريم فيها من الدروس العلمية ما لو تابعته المرأة لارتقت إلى مستوً رفيع من العلم بالأحكام الشرعية والأمور الدينية.

فينبغي أن تكون مربيات الأجيال نخبة صالحة تحمل همّ الإسلام ، وتسير بخطوات إيجـابـيـــة في تعليـم الأجيال وتثقيفهـا ، وتزويد بناتنا بأساليب التربية التي تفيدهن مستقبلاً ، لا بحشو الأذهان بقضايا لا تفيد ولا تغني في الحياة العملية شيئاً.إنها خير منقذ لبناتها من الوقوع في أحضان الانحراف والإلحاد ؛ فهي تعلمهن الفضيلة بسلوكها وأقوالها: تنمي شخصيتهن ، وتشحذ عقولهن ، وتنقل إليهن الحقائق العلمية مع حقيقة ثابتة وهي: أن نـجــاح الجيل وتفوّقه لا يتمثل إطلاقاً في مدى ما يحفظ، بل فيما يعي ويُطبّق، ثم إن التفوق في الدراسة ليس غاية وهدفاً... بل الفائز حقاً هو من فاز بالدار الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن.

هذا؛ ومع أننا نرفض أن تـكــون أجيالنا ضحايا الإهمال واللامبالاة، فإننا نؤكد على الأم المربية؛ إذ عليها أن تقوم أولاً بواجبهـا الأساس كزوجة صالحة، وأم مربية تحسن تربية أولادها.

نعم فالمرأة الأم المربيـة هذه أعلى مرتبة يصلها الإنسان في المجتمع ، ولا تساويها أي وظيفة غيرها ، ولـئـن زهـّد أعداء الإسلام المرأة بهذه الوظيفة والمكانة الرفيعة ، فقد قال سبحانه وتعالى:{ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن، وفصاله في عامين أن اشكرلي ولوالديك..}.

فللأم ثلاثة أمثال ما للأب من البر، وكأن ذلك لصعوبة الحمل، ثم الوضع، ثم الإرضاع، فانها تستحق الحظ الأوفر من البر، وتقدم في ذلك على حق الأب عند المزاحمة، وقد جعل اللـه مكانة الأم لا يدانيها شيء، فجعل الجنة تحت أقدامها، وعلى الابن أن ينحني إلى ما تحت تلك الأقدام ليصل إلى الجنة إن أراد الوصول إليها.

 فلا بد للمرأة من الشعور بالمسؤولية في تربية أولادها وعدم الغفلة والتساهــل فـي توجيههم كسلاً أو تسويفاً أو لا مبالاة، قال تعالى: ((يَا أَيُّهَا الَذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ)) فهذه الاية ترشدنا الى تجنب النار فلنجنب أنفسنا وأهلينا ما يستوجب النار. فالمحــاسبة عسيرة، والهول جسيم، وجهنم تقول: هل من مزيد؟ وما علينا إلا إصلاح انفسنا وأهلينا  فلن ينجي المرأة أنها ربت ابنها لكونها طاهية طعامه وغاسلة ثيابه لا؛ إذ لا بد من إحسان الـتـنـشـئـة ، ولا بـد من تربية أبنائها على عقيدة سليمة وتوحيد صافٍ وعبادة مستقيمة وأخلاق سوية وعلم نافع.
 ولتسأل الأم نفسها: كم من الـوقـت خصّصتْ لمتابعة أولادها ؟ وكم حَبَتهم من جميل رعايتها، ورحابة صدرها ، وحسن توجيهاتها ؟! علماً بأن النصائح لن تجدي إن لم تكن الأم قدوة حسنة! فينبغي  أن لا يُدْعـى الابن لمكرمة ، والأم تعمل بخلافها وإلا فكيـف تطلب منه لساناً عفيفاً وهـو لا يسمع إلا الشتائم والكلمات الـنـابـيـــة تـنـهـال عليه ؟! وكيف تطلب منه احترام الوقت ، وهي ـ أي أمه ـ تمضي معظم وقتها في ارتياد الأسواق والثرثرة في الهاتف أو خلال الزيارات ؟ كيف .. وكيف؟ فالمرأة هي الأساس الأول في بناء البيت، وهي ربته، ومحور الفلك الأسري، وفي رحاب هذا الفلك يعود الرجل ليجد هدوء أعصابه، وراحة نفسه، وسكينة قلبه، ومن بين حناياها يخرج الوليد، وتحت جناحها يشب، إنها قوام البيت، زوجة وأمّا، ومحوره منها وإليها يعود الجميع ، فلا قوام لبيت بدون المرأة.

أختي المؤمنة فما عساي إلا أن قول لك: إن ابنك وديعة في يديك، فعليك رعايتها، وتقدير المسؤولية؛ فأنت صاحبة رسالة ستُسألين عنها وبين هذا وذاك، لا يسعنا سوى القول بأن بداية الانطلاق في تربية الأطفال وتنشئتهم إنّما تكون منذ أن يروا نور الحياة. فما عليك الا الاقتداء بالسيدة الزهراء(عليها أفضل الصلاة والسلام) فالزهراء(عليها السلام) كانت على درجة رفيعة للغاية في امتلاكها لثقافة الأمومة التي من أول معطياتها النظر باحترام بالغ إلى الأولاد الأطفال وبالتالي التعامل مع كل فرد منهم على أنه إنسان مكتمل مؤهل لتلقي التربية والتعليم، وليس الانتظار به حتى يكمل السادسة والسابعة من عمره حتى يعلّم أو يُربّى، كما هو حادث في زمننا المعاصر.

فأن تتعلم البنت قبل أن تكون أمّاً ثقافة الحياة وثقافة الأمومة ، خير لها من أن تتعلّم علوم الحياة الأخرى ، رغم عدم وجود المانع من ذلك. فالبنت مسؤولة قبل كل شيء سواء أمام الله تعالى أو أمام مجتمعها عن تعلّم أسس التربية والتعليم ، بما يضم ذلك من القواعد الصحية خاصة بسلامتها وسلامة طفلها، ومن النواحي الروحية والعاطفية التي لابد للطفل من أن يأخذ نصيبه الوافر منها ، للحيلولة دونه ودون ابتلائه وتعرضه للأزمات النفسية التي تجرّ إلى الويلات الاجتماعية فيما بعد.وكذلك من الأبعاد الدينية ، حيث يتوجب على الأم ومنذ فترة انعقاد نطفة جنينها الالتزام بتعاليم الدين الخاصة بطهارة المولد ونقاء الجنين أو الوليد أو الطفل اليافع من الحرام ، فهذا كله ذو تأثير بالغ على حياته ومستقبله.

إن الأم المربية لابد لها أن تعي موقعها الحساس في المجتمع، إذ أن كل حركة أو سكنة تصدر منها لها الأثر البالغ على طبيعة أولادها وأجيالهم فيما بعد، وهذا الوعي من طبيعته أن يشمل النواحي الصحية والعاطفية والدينية والعلمية.

ولا يمكن بشكل من الأشكال أن تعي المرأة الأم كل ذلك بمجرد أنها أصبحت أمّاً، بل لابد من التمهيد لذلك عبر نشر ثقافة الأمومة، التي هي تجسيد لثقافة الحياة على وسعها، حيث تتكرس ضرورة تلقي البنات ومنذ نعومة أظفارهن تلكم الثقافة، لتجري فيهن مجرى الدم في العروق، ولا أحسن من تدوين تفاصيل ثقافة الأمومة عبر الدراسة الدقيقة والواعية لحياة قدوات النساء المسلمات، وفي مقدمتهن السيدة الزهراء البتول والسيدة زينب (عليهما صلوات الله وسلامه).

 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: برنامج حسنات- الحلقة الثانية عشرة-الدورة البرامجية61.

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا