المرأة في نظر الإمام علي(عليه السلام)
2020/11/16
876
 

كيف كانت علاقة علي(عليه السلام) بالمرأة؟ وهل صحيح أنّ لعلي نظرة سلبية تجاه المرأة؟ وكيف كانت سيرته مع المرأة؟ الباعث على طرح هذه الأسئلة، هو أن هناك بعض النصوص المنسوبة إلى أمير المؤمنين(ع)، تقدّم أو تعكس صورة سلبية ومهينة للمرأة. اخواتي لم يكن الامام علي (عليه السلام) ينظر للمراة نظرة سلبية لان بعض النصوص التي وردت في كتاب نهج البلاغة قد وصلت الينا مبتورة بشان المرأة مما جعل بعضهم يتهم الإمام(عليه السلام) بأنه يتهجم على المرأة وبعضهم الآخر يتهمه بعداوة المرأة وكرهه لها والبعض الآخر يتسلح بهذه النصوص ليهاجم المرأة ويتهمها بأنها ناقصة الدين وناقصة الحظ وهي شر لا بد منه أو بأنها فتنة الى غير ذلك من الكلام الذي يقلل من شان المرأة ويحقرها وحتى الرجال الضعاف النفوس والإرادة يشبهون بالمرأة  فيقال لهم: (يا أشباه الرجال ولا رجال، حلوم الاطفال وعقول ربات الحجال) أو (كنتم جند المرأة واتباع البهيمة) فكل هذه النصوص لا بد من نفض الغبار عليها واعادتها الى اساسها الاجتماعي وجذورها التاريخية ومفهومها الحقيقي حتى نرى أن هذا الكلام هل أنه يختص بجميع النساء أم بنوع معين من النساء وهذا الكلام يناقض مع مفهوم الشريعة الاسلامية ومكانة المرأة في الاسلام أم يتوافق معها؟ 

ومع أخذ المعايير المشار إليها بعين الاعتبار ايتها الاخوات فإنّ الحقيقة التي سوف يكتشفها الباحث المنصف، هي أنّ تقدير الامام علي (عليه السلام) للمرأة، واحترامه لشخصيتها، واعترافه بإنسانيتها ودورها، هو أمر لا شك فيه، فسيرته العملية هي تجسيد حي لذلك، سواء في تعامله مع زوجته السيدة الزهراء(ع)، أو في إعداده وتربيته لبناته، وعلى رأسهن السيدة زينب(ع)، أو في تربيته لجيلٍ رسالي من النساء كن يستمعن إليه ويترددن عليه، وقد قمن بأدوار هامة في الحياة الإسلامية، فقد كانت المرأة تخرج مع الامام علي(عليه السلام) في معاركه، كما كانت تخرج مع رسول الله(ص) من قبل، وقد سجّل لنا التأريخ مواقف مشرقة لبعض النساء اللاتي تربين في مدرسة مولانا علي(ع)، كتلك المرأة الهمدانية الوافدة الشهيرة على معاوية بن أبي سفيان، والتي قدمت مرافعة رائعة في مجلس معاوية، بيَّنت فيها مكانة الامام علي (عليه السلام) وعدالته، وأشارت إلى السر في تربّعه على عرش القلوب، وهكذا غيرها من النساء.

وفي ضوء ما تقدم، يتعين علينا القول: إنّ أمير المؤمنين(عليه السلام) حتى بصرف النظر عما نعتقده من عصمته  لا يمكن أن يصدر عنه أي كلام فيه تحقير للمرأة، أو إهانة لكرامتها، أو إساءة لإنسانيتها، فإنّ هذا مخالف لسيرة الامام علي(عليه السلام) الذي تتلمّذ على يدي رسول الله(ص وآله)، وفهم حقائق القرآن الكريم، ووعى مفاهيمه.

وأما محاولة البعض الإيحاء بأنّ موقف علي(عليه السلام) من المرأة هو نتيجة تجربة مرة له مع بعض النساء، فلا يمكننا أن نصدّقها، فعلي(عليه السلام) أجلّ وأسمى من أن يحدّد موقفه من المرأة في ضوء تجربته مع امرأة معيّنة، وحاشا لعلي(عليه السلام) أن يقدم رأياً سلبياً في المرأة أو ينطلق في موقفه من عقدة خاصة تجاهها، بسبب تجربة خاصة مع إحدى نساء النبي(ص وآله) التي قادت حرب الجمل ضده، فهذا فيه إهانة لأمير المؤمنين(عليه السلام) قبل أن يكون فيه إهانة للمرأة، لأنّ الامام (سلام الله عليه) لا ينطلق في مواقفه من رد فعل معين، ولا يعطي رأياً عاماً سلبياً بالمرأة بسبب تجربة مُرة مع امرأة بعينها، فهو أرفع وأجل من ذلك، وإلا لأعطى رأياً سلبياً بالرجل أيضاً، نتيجة تجربته المرّة مع عدد من الرجال، سواء على خلفيّة إقصائه عن حقه في خلافة رسول الله(ص)، أو على خلفية تمرد بعض الرجال عليه، أو عدم تجاوبهم مع دعوته المستمرة لهم للنهوض في مواجهة البغاة والمعتدين.

يبقى علينا أن نستعرض تلك النصوص الواردة في المرأة، والتي تنسب إلى الإمام(عليه السلام) ونلاحظها نصاً نصاً، لنرى إذا كانت مستجمعة لشرائط الحجية، وما إذا كان يتسنى لنا قبول نسبتها إليه عليه السلام.

 

 

 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر: برنامج تحت ظلال الأمير-الحلقة الثانية- الدورة البرامجية57.

 

 

 

 

 

 

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا