التعاون بين الرجل والمرأة
2020/11/15
863

أخواتي إن المرأة مسؤولة بوعيها عن حسن اختيارها فإذا كانت متفهمة منطلقة لمستقبل أفضل وكانت طموحة فعليها أن تختار من تراه قابلاً لاستيعاب هذا الطموح ومشجعاً ومسهلاً له انطلاقتها وطرق المشاركة في عملية التغيير للأفضل فكما أن الرجل العاقل يساهم تطوير زوجته وإعلاء شأنها وتنميتها فكرياً وحضارياً وثقافياً واجتماعياً وسلوكياً فكذلك المرأة يمكن أن تساهم في تطوير الرجل فكرياً وعملياً وبهذا فإنه لا يمكن لأحد تجاهل الطرف الآخر.

وكذلك يمكن للرجل أن يعطي لزوجته الفرصة لتتفاعل مع المجتمع فتتأثر وثؤثر وتشارك في مسير الحضارة دون أن يستعمل الرجل قوامته على المرأة بالتحجير عليها وإقصائها عن دورها ودون أن تسيء المرأة أيضاً لحريتها فتستعملها فيما يسيء الى الرجل أو في أمور لم تدخل في حسبانه عندما اعطاها الإذن فتهدم دون أن تساهم في عملية البناء في مسير الحضارة والحياة ولأن الدور الأساسي للمرأة هو حسن تبعلها لزوجها ومحافظتها على بيتها وهذا لا يكون الا بالوعي والفكر لدى المرأة والرجل معا ومعرفة كل منهما لحقيقة الدور الإنساني المكلف به والمرأة في معركة التحدي لإثبات وعيها وجدارتها لممارسة دورها الحضاري في المشاركة في مسيرة التغيير الاجتماعي ولتثبت أنها اصيلة وليست دخيلة في هذه العملية فهل تستطيع المرأة ذلك قال تعالى: (وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون).

 أما في داخل الأسرة الرجل هو القائد والمرأة هي سيدة بيتها فإن كانت مثقفة وواعية ومتعلمة تدرك ابعاد الامور وتقدر عواقبها وتسعى جهدها بحسن تبعلها بنشر المحبة والوئام في البيت وتربي اولادها خير تربية فهي اهل للراي وهي نعمة من الله جل وعلا على الرجل وعلى المجتمع ككل وما على الرجل سوى الحفاظ عليها وصيانتها وهي الجوهرة الثمينة التي ينبغي على الرجل أن يكون بالمستوى اللائق لحيازتها وأن تعرف المرأة أن كيانها وعزها ووجودها لا يكون الا في ظل الزوج ورعايته وحمايته لها دون تميزها او تفوقها عليه وصولا الى المرأة الأنثى والانسانة الكاملة التي ارادها مولى الموحدين وامير المؤمنين الامام علي (ع)  وكذلك الرجل فتعاون الرجل والمرأة معا في البيت ينشئ اسرة سليمة خالية من جميع المشاكل ونجد مصداق ذلك في بيت علي وفاطمة عليهما السلام حيث يعطي أنموذجا أخلاقياً ينطق عن روح القرآن والإسلام الذي يقدم المرأة في مجال الرفق والعطف والرأفة على الرجل ومن هنا ينطلق الإمام علي عليه السلام وهو التلميذ المطيع والمتبع لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في تعامله مع زوجته وشريكة حياته.

فقد روى شاذان بن جبريل القمي رحمه الله قائلاً: دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على علي وفاطمة (وهما يطحنان الجاورس فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أيكما أعيا؟ فقال علي عليه السلام: فاطمة يا رسول الله فقال لها: قومي يا بنية فقامت، وجلس النبي صلى الله عليه وآله وسلم موضعها مع علي فواساه في طحن الحب).

فمداومة الإمام علي عليه السلام على إعانة زوجته في عمل المنزل وذلك من خلال دلالة الروايات في بيانها لهذه الصورة عند كل دخول لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بيت فاطمة عليها السلام، فمرة يدخل النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيجد عليا جالسا يطحن الحب بالجاورس ويعين فاطمة ومرة أخرى يدخل عليها فيجده يعينها في أمر الطبخ فينقي لها العدس.مما يدل بوضوح على أن وقوف الزوج في المطبخ لإعانة زوجته في إعداد الطعام لم يكن من إفرازات الحداثة ولم يبتكره الحداثيون وإنما هو من صميم التربية الأسرية الإسلامية المخصوصة في بيت علي وفاطمة عليهما السلام.

بل إن ما قدِم إلينا من ثقافة أسرية ينادي بها أهل الاختصاص في علم الاجتماع بأنها نتاج جهد ودراسة متواصلة في رصد طبيعة العلاقة الزوجية وتقويمها فكان من بينها إعانة الزوج لزوجته في عمل المنزل هو في حقيقته جهد مسروق من الثقافة الإسلامية كان المسلمون الذين تخلفوا عن مدرسة أهل البيت عليهم السلام هم المسؤولين عن تغييب هذه الثقافة عن المسلمين وهم المسؤولين عن سرقته فيما لو أردنا أن نضع ذلك المنهج ضمن حقوق الملكية الفكرية لبيت فاطمة (عليها السلام).

 

 

 

 

 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: برنامج تحت ظلال الأمير-الحلقة الثانية عشرة- الدورة البرامجية57.

 

 

 

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا