الأسرة ودورها التربوي في رعاية الأبناء
2020/07/13
1105

الأسرة هي الخلية الأولى للمجتمع وهي المأوى الذي يترعرع فيه الطفل منذ ولادته وهي التي تلقنه مبادئ الحياة الاجتماعية وفيها يتعلم أيضاً معنى المسؤولية وهي التي تربي لديه الوعي الاجتماعي وعنها يأخذ مبادئ السلوك الاجتماعي كما تؤدي الأجواء الأسرية دوراً هاماً في ترسيخ القيم والمعتقدات في نفوس الأطفال ويمكن تلخيص وظائف الأسرة الأساسية في: 

 التربية الخلقية: إن الطفل عادة ما يستمد قيمه وعاداته من الأسرة  التي يعيش فيها فهي التي تزرع فيه القيم الاجتماعية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة وذلك من خلال الجو الأسري الذي يعيشه الطفل وخاصة في مرحلة الطفولة حين يكون الطفل مهيأ لتقبل كل ما يوجه إليه وكل ما يكتسبه داخل أسرته ومن وظائف الاسرة ايضا التربية الجسدية: إن من واجبات الأسرة  الحفاظ على أفرادها وذلك من خلال العناية الصحية التي توليها لهم ولابد لرب كل أسرة العمل على توفير الغذاء لأفرادها والحرص على المتابعة الصحية لهم عن طريق علاج كل فرد من أفرادها في حالة المرض وتوفير أسباب الراحة لهم كل ذلك من منطلق(إن العقل السليم في الجسم السليم).

فضلاً عن ذلك ينبغي على الاسرة التربية العقلية لابنائها إن الجو العائلي الذي يتربى فيه الطفل يعتبر بمثابة الوسط المثالي الذي يتعلم فيه لغة التواصل مع الآخرين ولذلك يؤدي دوراً هاماً في اكتساب اللغة عند الطفل فالحوار الحاصل داخل الأسرة ينمي القدرات اللغوية عند الطفل ويكسبه أداة التواصل بينه وبين من حوله وبذلك يكون قادراً على الاندماج في المجتمع من خلال ما أكتسبه داخل أسرته كما إن مجرد شعور الطفل بانتمائه إلى أسرته يبعث في نفسه الطمأنينة ويجعله مستقراً نفسياً لأنه وجد نفسه في جو كله أمان، وكلما اخذ الطفل داخل أسرته الرعاية والاهتمام والعطف من باقي أفراد الأسرة كلما ازدادت ثقته بنفسه وبمن حوله وهذا ما يجعله فرداً ذا قيمة اجتماعية؛ لأنه وبكل بساطة اكتسب من أسرته ما جعله يتجه بسلوكياته اتجاهاً سليماً خال من كل عقد نفسية مدمرة لحياته بكاملها لأن فقدان العطف والحنان والرعاية النفسية داخل الأسرة يجعل منه كائنا اجتماعياً منحرفا وقد نظر مولانا الامام علي (ع) للطفل ككتلة مشاعر وأحاسيس ينبغي صيانتها وإحاطتها ببيئة صالحة لتزدهر وتنمو حتى تترسخ قواعد الشخصية السوية، حيث يقول عليه السلام عن الطفل ((ذُو نِيَّةٍ سَلِيمَةٍ ونَفْسٍ صَافِيَةٍ)) ومن الحقوق المعنوية الرئيسية التي أدى الإمام إلى تحقيقها في المجتمع هو حق الأمن للأطفال حيث يقول (من أخاف طفلاً فهو ضامن على وفق نظام التعويضات الذي أسسه الإمام في عهد الرسول (صلّى الله عليه وآله).

التربية الدينية: باعتبار الأسرة هي المؤسسة الأولية التي يتلقى فيها الطفل التربية في بداية حياته فهي إذا بذلك تعتبر المرجع الرئيسي الذي يأخذ منه كل القيم الدينية وعلى هذا الأساس تساهم الأسرة بشكل مباشر في التربية الدينية عند الطفل، فكلما كانت الأسرة محافظة ومتمسكة بالقيم الدينية النبيلة كلما تربى الطفل على الفضيلة وعندئذ يكون عنصراً فعالاً ونشيطاً وصالحاً في المجتمع.

أختي المربية هناك عوامل أسرية تؤثر في عملية التربية لعل من أهمها:

 1-علاقة الطفل بالوالدين: إن بعض الأساليب المتبعة في تربية الأطفال قد تجعله يفقد الثقة بوالديه وبذلك تتصدع العلاقة الرابطة بين الطفل ووالديه وغالباً ما ينتج ذلك من تصرفات الأبوين أو أحدهما بقصد أو بغير قصد نحوه وعلى هذا الأساس ينبغي على الوالدين أن يكونا قريبين من الطفل وذلك لخلق جو من الثقة بينهما وبين الابن مما يساعدهما على توجيهه، كما أن هذا الجو المتميز من الثقة بينهما يجعله يحترمهما ويطيعهما ويستجيب لكل أوامرهما كما ينبغي أن تقوم هذه العلاقة على أساس الاحترام والتقدير وليس على أساس الزجر والعقاب والإكراه.

 2– توافق الأسرة وتماسكها: إن الترابط الأسري يعد من أهم العوامل التي ترسم معالم شخصية الطفل باعتباره النموذج المثالي الذي يحتذي به الطفل فالطفل في أسرته ليس مجرد عنصراً فيها فحسب بل هو أحد أهم مكوناتها ولذلك فهو الملاحظ والمشارك والتابع وعلى هذا الأساس فهو يتأثر بكل ما يراه وما يسمعه وما يفعله كل المحيطين به، وغالباً ما تكون للخلافات الأسرية الأثر البالغ على مستقبل الطفل، وحتى نجنبه الاضطراب ينبغي أن يسود التفاهم بين أعضاء الأسرة صغارا وكبارا وبهذا لا ترتسم في ذهنه أي صورة قد تؤدي إلى  تذبذبه وانحرافه خصوصاً وانه يتلقى في المدرسة دروسا تمكنه من الإدراك والتمييز والفهم.

فضلاً عن ذلك إن العدد الكبير لأفراد الأسرة الواحدة يؤثر بصورة مباشرة على تربية الأطفال  وذلك لأن توجيه وترشيد الطفل داخل أسرته ليس بالأمر الهين حسب نظرة الأخصائيين التربويين ولكي ينشأ الطفل تنشئة سليمة مشبعة بالقيم ينبغي أن يأخذ الوقت والاهتمام الكافيين داخل الأسرة وهذا لا يتأتى في ظل الجو العائلي المزدحم والكثير الأفراد لأن في هذا الوضع يفقد الطفل الاهتمام الكافي لتوجيهه وتربيته داخل أسرته التي تعتبر منبع العملية التربوية. 

3– المستوى الاجتماعي والاقتصادي للأسرة: غالباً ما نجد الأطفال الذين يعيشون في أوساط اجتماعية منحرفة خلقيا يتميزون بهذه الميزة لكونهم تلقوا هذه التربية واكتسبوها منها، أما الأطفال الذين هم في وسط اجتماعي تسوده الفضيلة والقيم الاجتماعية الراقية نجدهم يتصفون بها , كما أن الأطفال الذين يتربون قي مجتمع مثقف ليس كغيرهم من الذين يتربون في وسط اجتماعي تسوده الأمية والجهل، أما من الناحية الاقتصادية فيبدو أثرها واضحا على الأطفال الذين يعانــون عوزا ماديا،الذي ينعكس على تربيتهم ومستواهم الثقافي والدراسـي وذلك لأن الطفل في أسرته يحتاج إلى  كثير من الوسائل المساعدة على ترقيته ونموه، فتوفير كل المتطلبات يصرفه عن التفكير في السعي لها وبذلك يتفرغ للانسجام والاكتساب، إذن الحالة الاقتصادية للأسرة تؤثر بشكل مباشر في عملية التربية.

وختاماً تعد الطفولة سلسلة من الفترات أو المراحل المتتابعة، والمتكاملة في بناء شخصية الإنسان المستقبلية، ولكلّ فترة ميزاتها ومتطلباتها، والوالدان هما المسؤولان الأساسيان عن تأمين المتطلبات التربوية للأطفال في كلّ فترة أو مرحلة. 

 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر: برنامج أسرتنا إلى أين؟- الحلقة الثالثة- الدورة البرامجية56.

 

 

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا