عوامل استقرار العلاقات الأسرية
2020/07/09
747

أخواتي إذا كانت العلاقات في الأسرة مبنية على أسس سليمة ويعيش أفرادها في جو من الاستقرار والوئام، فإنها ستكون مدرسة تخرج العظماء من الرجال، وهناك عوامل تعد أساسية لبناء العلاقات في الأسرة، خاصة بين الزوجين وهي ركائز أساسية نستشف من خلالها الوسائل والأساليب للبناء الأفضل في العلاقات، وبها يستطيع الزوجان تفادي المشاكل التي قد تحصل بينهما ومنها: 

معرفة الحقوق 

  أخواتي إن التمسك بالحقوق والواجبات يجلب الخير لأفراد الأسرة، فبالحقوق والواجبات يعرف كل من الزوج والزوجة مسؤوليتهما تجاه الآخر، وبهذه الحقوق يستتب النظام داخل الأسرة، فلا يحق لأحد أن يتصرف حسب أهوائه ويغرق الأسرة في بحر من المزاجية، حيث أن اتباع الحقوق يساعد على الاستقرار والأمان داخل الأسرة، وتتضح معالم التعامل ضمن إطار من الواجبات والحقوق، وأخيراً يساعد على إيجاد العدالة في الأسرة، فكل فرد يعلم حدوده ويحاول ألا يتجاوز هذه الحدود.
أما الأمر الآخر أيتها الأخوات فإن من استقرار العلاقات الأسرية هو حسن العشرة فالعلاقات في الأسرة بين الزوجين قامت لكي تستمر مدى الحياة، فهي ليست علاقة مؤقتة ليوم أو يومين، بل أنه اتصال مدى العمر، وفي مسيرة الحياة الصعبة يحتاج الانسان إلى رفيق حياة يؤنسه، ويسكن اليه، ويشترك معه، ويؤازره في مصائبه، ولاستمرار هذه العلاقات ينبغي أن تكون المعاملة بين الطرفين بالحسنى، ووفق الأخلاق الاسلامية الحميدة يقول الله سبحانه وتعالى: « ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون » ، قال مولانا أمير المؤمنين (ع): (بحسن العشرة تدوم المودة).

الكلمة الطيبة كانت دائماً وسيلة لتهذيب النفس وتذويب الفوارق والبغضاء، والمسلم لا يتنابز بالألقاب، فالسب والشتم واللسان البذيء أمور غير مقبولة من المسلم أينما كان، فكيف به وهو بذيء الكلام مع زوجته وأسرته، فهي من أسوأ الصفات ومما يذكر ان احد القضاة فصل في أربعين ألف قضية خلاف زوجي، وبعدها قال هذه الجملة ( إنك لتجد التوافه دائما في قرارة كل شقاء زوجي ) فإغفال الزوجة لعبارة ( مع السلامة ) مثلاً تقولها لزوجها وهي تلوح بيديها أثناء انصرافه إلى عمله في الصباح، أمر تافه، ولكنه كثيرا ما يؤدي إلى الطلاق، ولقد دعانا النبي والأئمة (عليهم السلام) لاستعمال الكلمة الطيبة في علاقاتنا داخل الأسرة، وقال (ص وآله) : « خير الرجال من أمتي الذين لا يطاولون على أهليهم ويحنون عليهم ولا يظلمونهم»، قال رسول الله (ص وآله): « إن الرفق لم يوضع على شيء إلا زانه ولا نزع من شيء إلا شانه من الحديث السابق نرى أن الاسلام يدعو للرفق وحسن المعاملة وعن أمير المؤمنين (ع) أنه قال: « لكل دين خلق وخلق الايمان الرفق فالمعاملة الشديدة العنيفة والحدة في التصرفات من طرف الزوج أو الزوجة يسبب فساد العلاقة بينهما، قال مولانا الامام زين العابدين (ع): « وأما حق الزوجة فان تعلم أن الله عز وجل جعلها لك سكنا وأنسا فتعلم أن ذلك نعمة من الله عليك فتكرمها وترفق بها، وان كان حقك عليها أوجب فان لها عليك أن ترحمها.

كل أسرة معرضة أن تجابه المشاكل والصعاب سواء على صعيد العلاقة بين الزوجين أو على صعيد علاقة الأسرة بالمحيط الخارجي، ومن المشاكل التي ارتفع معدلها بين الزوجين هو وجود الفروقات والتباين (الشكلي) بينهما، والاسلام دعا إلى نبذ هذه الفروقات السطحية والفهم الواعي والمسؤول لكل منهما الآخر.

فإذا عاش كلا الزوجين ظروف الآخر وتفاعل مع حالته النفسية أمكن له أن يتعامل معه على أساس من التقدير لتلك الظروف، والتباين والفرق الشخصي، ولو عرف أن هناك حياة مرتبطة بحياة لها ظروف تختلف عن ظروف حياته، وأن هذا الانسان يعيش معه أجواءاً فكرية وعاطفية لا تتفق بالضرورة مع الأجواء الفكرية والعاطفية التي كونت شخصيته، فان ذلك يجسد التفاهم على أحسن صورة، ويبعدهما عن الانانيات الذاتية التي تحطم العلاقة الزوجية عندما يحاول أحدهما استغلال الفروقات كوسيلة للقمع والضغط  فضلا عن ذلك ن الحياة الزوجية مد وجزر من سعادة وشقاء وفرحة ورخاء ونشوة ورخاء وتعب وراحة، والزوجين يشاركان بعضهما البعض في تحمل أعباء الحياة عن رضى النفس ورغبة، ولا يمكن أن يقال للمساعدة التي يقدمها أحد منهما للآخر بالمنة والترفع، لأن هذه المساعدة تحطم العلاقات الزوجية ولا تبنيها. 

استيقظ احد العلماء يوم من الأيام، فوجد زوجته كانت ولا تزال راقدة على الفراش، وقد أصيبت بمرض البرص في كل جسمها فتصور حالة الزوجة حين تكتشف بعد لحظات أن جمالها قد انتهى، ولكي لا يحول البيت الزوجي إلى جحيم لا يجرح قلب زوجته، أدعى قبل أن تكتشف الزوجة ما أصابها أنه أصيب بالعمى، وحينما اكتشفت الزوجة ما أصيبت به خلال الليل أخفت ذلك عن زوجها اعتقاداً منها أنه قد أصيب بالعمى، وهكذا عاش الزوجان في سعادة وصفاء، بفعل اغماض الزوج بهذه الطريقة عما أصاب زوجته؛ فاذا قام الزوج بمساعدة الزوجة في عمل ما يجب ألا يمن عليها في هذه الخدمة، أو أن الزوجة تحاول أن تعكر صفو وهدوء الأسرة بالمنة الدائمة، وكذلك عندما يحدث خلاف بسيط بينهما فلا يحاول كل منهما تقديم التنازلات المتبادلة من قبل الطرفين حتى يصفى الجو بينهما.

 

 

 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: برنامج أسرتنا إلى أين؟ - الحلقة الرابعة- الدورة البرامجية56.

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا