مسؤوليات الأب تجاه أولاده
2020/02/08
563

يعد الأب هو القائد الذي تقع في عهدته مسؤولية توجيه الاسرة والوقوف بوجه كل ما من شأنه تهديد كيان الاسرة وهو الموجه الذي يأخذ بيد الأسرة ليوصلها الى الهدف المنشود الذي من أجله تم تأسيسها.
فبمقتضى تلك المسؤولية يترتب على الأب توخي الحذر في التعامل مع الأولاد لئلا تعود تصرفاته غير الموزونة معهم بالضرر عليهم وبالتالي على الأسرة، فمن الواضح أن الأولاد ليسوا مخلوقات للرجل يقفون في ملكه الشخصي حتى تكون تصرفاته معهم تصرفات الخالق والمخلوق ولا تخضع للحدود والمقاييس أن الاولاد أمانات وقتية فالله يعطي الأولاد ليعرف كيف سيعيش معهم الأب؟ تماماً كما يعطي أي شيء آخر في الحياة كالمال مثلاً.
ولذلك ورد في الأثر إشارة الى هذا المعنى: " إن عاشوا فتنوا....".

ويمكن أن ندرج بعض مسؤوليات الأب تجاه الاولاد في النقاط التالية:-

1- ضرورة اختيار الرحم المناسب للولد بأن يختار الزوجة الصالحة التي نشأت في بيئة صالحة كي تطبع أثرها على الولد وذلك أن العامل الوراثي له أثره في الاولاد وهو ما أشار اليه النبي(ص) في الخبر: " تخيروا لنطفكم فإن العرق دساس".

2-رعاية الاولاد وذلك بتهيئة الظروف المعيشية المناسبة التي تمكنهم من العيش بهناء.

3-حسن اختيار الاسم: وذلك أن الاسم قد يكون مصدر ازعاج وقلق للولد فيما لو لم يكن من مستحسنات الاسماء فقد ورد في الاثر إنه من حق الولد على أبيه أن يحسن اسمه.

4-أن يحسن الأب تعليم الاولاد وتربيتهم التربية الصحيحة وتهيئتهم التهيئة السليمة ليكونوا أبناء صالحين مهيئين لخدمة المجتمع: "من حق الولد على أبيه: أن يحسن اسمه وان يحسن تعليمه...".

5-أن يزوجوهم إذا بلغوا وهذه وظيفة مهمة من وظائف الأب التي يجب أن يوليها العناية اللازمة وخصوصاً بالنسبة للبنت وذلك أن البنت بمقتضى قضاء معظم وقتها في المنزل لا تكون قادرة في الغالب على تمييز المتقدم الجيد للزواج منهامن غيره وذلك لعدم قابليتها لتحمل أعباءالسؤال عليه حتى تتأكد من كونه الرجل المناسب لترتبط معه برباط الزوجية المقدس.

إن على الزوج في جميع مراحل تربيته للأولاد وتوجيههم أن يراعي الاعتدال في ذلك فليس عليه أن يكون صلباً بحيث يحدث ذلك بينه وبين الاولاد فجوة كبيرة فلم تكن طاعتهم له بناءً على العلاقة الحميمية التي تربط بينهما ولكن الطاعة تكون بدافع الخوف الذي لا يكون الولد مطيعاً إلا حين وجود مصدر الخوف- أي مع وجود الأب في المنزل بحيث يتحين الفرص للمخالفة في غياب الابكما إنه ليس عليه أن يكون ليناً بحيث لا يعلق على أي تصرف يقترفه الاولاد ولو كان خاطئاً فإن ذلك سيقود حتماً الى أن يتمادى الاولاد في أخطائهم ثم إنهم يقترفون الاخطاء وهم لا يعرفون بأنها أخطاء لعدم وجود الموجه خلال ذلك كله.

إذاً، فكل من اللين المفرط والشدة والغلظة المفرطة له أثره السلبي على سلوك الاولاد إنما يجب اتباع النهج الوسط في كل ذلك وكما يقال: خير الامور أوسطها.

حذار من العنف مع المراهق:

إن مرحلة المراهقة التي هي الفترة التي يقترب فيها الابن من البلفوغ بحيث يمكنه الاستقلال أي لا هو إنسان بالغ بمعنى البلوغ بحيث يمكنه الاستقلال في تصرفاته والاعتماد على نفسه نهائياً ولا هو صبي بمعنى أنه ليس له القدرة على التمييز في جميع الامور إن هذه المرحلة تعد من أخطر المراحل التي يمر بها الاولاد ثم أن المراهق لا يدرك واقعه وامكاناته بل يصاب بنوع من الغرور عادة وهنا مكمن الخطر ومقتضى خطورة هذه المرحلة تتطلب من الوالدين التعامل بحيطة وحذر شديدين مع الاولاد المراهقين وذلكأن أي خلل أو خطأ في التعامل مع المراهق قد يؤدي الى أن ينفلت زمام الامر من أيديهما فيقود الى ما لا يحمد عقباه من الاثار.

وهذه بعض النقاط التي يمكن اتباعها مع المراهقين:-

1-أن يسيطر –الوالدان-على أعصابهما تجاه بعض تصرفات المراهقين غير المستحسنة فلا يجوز لهما أن ينسفا كرامته لأن هذا الامر قد يحمل المراهق على الانفلات المطلق منهما والقيام بثورة ضدهما فقد ورد عن رسول الله(ص) قوله في هذا المجال: "لعن الله والدين حملا ولدهما على عقوقهما.
2-إن المراهق يحمل في داخله طاقة كبيرة على العطاء سواء من الناحية الفكرية أم من الناحية الجسدية ولكن هذه لاطاقات بحاجة الى من يسيطر عليها ويوجهها الوجهة الصحيحة.

إن مثل طاقات المراهق في المقام مثل المياه المتدفقة من أعالي الجبال فهذه لامياه تكون مصدر خير على الانسان فيما لو تمكن من الاستفادة منها ووجهها الوجهة الصحيحة أما لو لم يغتنم تلك الفرصة وتركها تجري كما هي عليه فإنها ولا شك سوف تكون مصدر ضرر فتدمر ما يقف في طريقها، فعلى الوالدين إذن أن يوظفا ثورة المراهق لخدمة صالح المجتمع لأن فترة المراهقة فترة ذهبية لتنمية اهتمامات إنسانية في ذهنية المراهقة فلو أشرك في القضايا الانسانية فإن ثورته الداخلية ستكون عاملاً كبيراً لإخلاصه واندفاعه في عمله وليس غريباً إن كل أحداث التاريخ كانت تقوم على أكتاف الشباب حتى الرسالة الاسلامية فإنها استفادت من طاقة الشباب واندفاعهم العفوي أكثر من الشيوخ.

3-إن المراهق يشك في كل القيم والعادات التي كان يسير وفقها في السابق وهنا لا بد  من تفهيمه لفلسفة تلك القيم والعادات وأما إجباره على اتباع هذه العادات من دون تفهيم مسبق فلا بد أن يكون له مردود سلبي.

النسبة بين اضطراب الاسرة وانحراف الأحداث:

إن الاسرة هي المؤسسة الاولى التي يتلقى الطفل فيها تعاليمه الاولية وهي المعين الاساسي الذي يمد الطفل بأسباب بناء شخصية فبالمقدار الذي تكون عليه الاسرة من الاستقامة والصلاح يكون الاولاد كذلك والعكس صحيح.

فبالنسبة بين صلاح كل من الاسرة والابناء الذين يعيشون في كنفها نسبة طردية أي أنه كلما صلحت الاسرة وقطعت شوطاً في طريق الصلاح يكون الاولاد كذلك، وكذلك هي النسبة بين فساد كل من الاسرة والاولاد الذين يعيشون فيها فقد أظهرت الدراسات والبحوث التربوية الحديثة أن من أهم الاسباب التي تؤدي الى انحراف الاحداث هو اضطراب الأسرة وعدم استقرارها فتنشأ منه الأزمات التي تؤدي الى انحرافهم.

لذا من اللازم الحفاظ على استقرار الاسرة وإبعادها عن جميع عوامل القلق والاضطراب حفاظاً على الاحداث وصيانة لهم من الشذوذ والانحراف.
مظاهر النبذ التي تؤثر في سلوك الطفل:

هناك ظواهر عديدة تؤثر سلباً على نفسية الطفل وسلوكه وشخصيته فلذا يجب تجنب تلك الظواهر والكف عنها فيما لو أريد بناء الطفل بناءً صحيحاً وهذه الظواهر هي:

1-العنف إن العنف لا يمكن له أن يصلح إنساناً في يوم من الايام فيجب أن لا يؤخذ الطفل بالقسوة في المعاملة والافراط في استخدام الشدة فإن ذلك سينعكس سلباً على نفسية الطفل إذ أنه سيعاني عقدة الخوف طيلة حياته وقد يلجأ الى انتهاج العنف عند الكبر، كما يجب الكف عن استعمال العقاب البدني القاسي.
2- إهمال الطفل وجعله مورداً للتهمة.

3- عدم ذكره بخير فإن المدح له أثره في نفس الطفل بل في نفس البالغ من الناس فكيف بالطفل؟

4- التقليل من شأنه بالقياس الى غيره من إخوته لأن ذلك سيولد في نفسه عقدة الفشل فلم يعد قادراً على العطاء فلا يجب التمييز بين الاولاد في التعامل وكذلك مع الطفل لو كان لوحده، بل يجب الاهتمام بما يقوم به وتشجيعه على ما يقدمه من الامور.

5- إبداء الدهشة والاستغراب إذا ذكره بعض الناس بخير.

وصايا للأولاد:

كما أن للأولاد حقوق على الاباء يجب عليهم مراعاتها فإن بالمقابل هناك حقوق للوالدين على الاولاد أعظم بكثير من تلك الحقوق التي للأبناء فيجب على الاولاد مراعاتها فإن في ذلك ضمان لصحة مسيرتهما في الحياة الدنيا وضمان للحصول على الرضا الالهي في الدار الاخرة فهذه وصايا للولد بغض النظر عن كونه ذكراً أم أنثى.

1- أطع والديك في كل شيء واحترمهما وكذلك بالنسبة لأخيك الاكبر فإنه أخبر منك في الحياة وذلك لتجد متطلباتك منجزة ولينهمر عليك حبهم وعطفهم.
2- تعاون مع والديك في انجاز مهماتهما وتحمل معهما مسؤوليات المراهقة فإنك مهما عملت وأديت لترد لهما جميلاً كانا قد صنعاه لك ما استطعت ذلك أبداً.
3-لا تستبد بآرائك فيما لو تعارضت مع آراء والديك فإنهما وبدون أي شك أكسبتهما تجارب الحياة خبرة تفوق خبرتك بكثير، فعليك أن تعرف هذه الحقيقة وتدركها حق الادراك.

4- كن صديقاً مخلصاً لإخوانك ولا تضع بينك وبينهم حواجز أو موانع غادخل حياتهم وعش مشاكلهم وساهم معهم في حل ما يعن لهم من الصعاب.
 

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: برنامج مرفأ الأسرة - الحلقة الرابعة- الدورة البرامجية السابعة.

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا