هنالك فرق بين غيرة الزوج وشكّه،
فغيرة الرجل هي صفة حميدة، أمّا شكّه فهو مرضٌ نفسي، لكن على الرغم
من أنّ غيرة الرجل صفة حميدة نجد أنها أيضاً تُسبب مشاكل بين بعض
الأزواج قد تصل إلى حد الطلاق؛ لأنّ الحشمة بشكلٍ عام وغيرة الرجل
على نسائه بشكل خاص صار بعضهم يعدّهما شيئاً مذموماً في المجتمع..
وهذا ما نبّأ عنه النبي(ص وآله) في قوله: "..كيف بكم إذا رأيتم
المعروف منكراً والمنكر معروفاً"(1)، فكأن الرجل الغيور يتزوج من امرأة مبالغة في
التمدّن لا تستجيب لتوجيهاته المعقولة بالحفاظ على الحشمة والحجاب
فينشب بينهما الخلاف إثر ذلك وقد يصل إلى الطلاق، وبذلك قد أصبحت
غيرة الرجل مشكلة في وقت هي ليست مشكلة، بل هي حفاظٌ على كيان
المرأة وكرامتها، وقد أيدها الله تعالى في محكم كتابه وأعطى بعض
فوائدها.. فقال عن نساء النبي(ص وآله): (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ
مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ
لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا
رَسُولَ الله(ص وآله)/(الأحزاب:53)، وقد قال النبي(ص وآله): "كانَ
أبي إبراهيم(ع) غيوراً وأنا أغير منه، وأرغم الله أنف مَن لا يغار
من المؤمنين".(2)
إذن فغيرة الرجل طالما هي تحت مسمّى
الغيرة فلا داعي أن تنزعج منها بعض النساء، كما لا ننفي أنّ هنالك
من الأزواج مَن يُجحفُ في توجيهاته؛ مثلاً يفرض على زوجته النقاب
وبنوعه الثخين في وقت هي بالنظارة لا تبصر طريقها جيداً؛ فهنا يكون
قد أضر بصحتها. هذا بالنسبة إلى غيرة الرجل أو مبالغته فيها، أمّا
شكه فهو أمر آخر وقد قلنا إنه مرض نفسي، كأن يتهم الزوج زوجته بعدم
الحشمة مثيراً معها المشاكل فقط؛ لأنه يتوقع ذلك ولم يشهده واقعياً،
وشك الزوج غالباً ما يأتي نتيجة ثلاثة أسباب:
الأول: إنّ الزوج لا يرى الحب
والحنان في طفولته لاسيّما من أمّهِ، أو أنه في سنّ الطفولة كثيراً
ما يشاهد أمه تشاجر أباه؛ فيكون شاكاً بحبّ النساء لأزواجهنّ
لاسيّما زوجته.
الثاني: إنه يشاهد كثيراً في واقعهِ
نساءً عديمات العفّة، كأن يكون سائقاً أو بقّالاً؛ فيعكس نظرته
السلبية عنهن على جميع النساء ومنهن زوجته.
الثالث: إن الرجل يتزوج من امرأةٍ
يحس أنها أعلى من مستواه سواءً على الصعيد الخُلقي أم العلمي أم
الاجتماعي؛ لذلك فهو دائماً يحس بأنه لا يملأ عينيها، وإضافةً إلى
الشك بها نجده يحاول التقليل من قيمتها بين الناس.
هذه أسباب غالباً ما ينتج عنها مرض
شكّ الزوج بزوجته، وهذا المرض إن لم يكن مستحكماً تستطيع الزوجة
بمفردها علاجه وبمساعدة المجتمع، وهو أنْ توطّد ثقة زوجها بها عن
طريق التزامها بتعاليم الإسلام والأعراف الأصيلة، كما أنّ عليها أنْ
تحسّسه بحبّها وحنانها واحترامها له، كما أنّ عليها أنْ لا تمدح
الرجال المحارم وغير المحارم أمامه، والأفضل أنْ تتجنب اقتناء
الجهاز النقّال والإنترنيت إلى أن توطّد ثقته بها.. كما أنّ على
الأقارب أنْ ينبّهون على حبّ زوجته ووفائها له، وأيضاً عليه أن يكفّ
عن ذكر الفروقات بين هذين الزوجين والأزواج عموماً، مثلاً كقولهِم
للزوج إنّ زوجتك لا تليق بكَ أو قولهِم للزوجة إنّ زوجكِ لا يليق
بكِ؛ لأن هنالك من الأزواج والزوجات مَن يتأثر بهذا
الكلام.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) المصدر: مجلة رياض الزهراء(ع)
مجلة شهرية تصدر عن شعبة المكتبة النسوية في العتبة العباسية
المقدسة/ العدد 91- رنا محمد الخويلدي.
(1) الكافي: ج5، ص59.
(2) وسائل الشيعة: ج20،
ج154.
الحسد.. آفة القلوب وسخط السماء