الطفولة والمراهقة ودور الأسرة والمجتمع
2019/12/06
1399

مما لا شك فيه أنَّ مرحلة الطفولة والمراهقة من أهم المراحل في حياة الإنسان ليس من الناحية الصحية والتعليمية فحسب، بل من ناحية التكوين النفسي، وتعد هذه المرحلة هي ركيزة مباشرة في ترسيخ الأفكار والعادات والسلوكيات التي يتأثر فيها الطفل في بيئته سواء أكانت من الأسرة والمدرسة أو خارج هذا النطاق والتي تساهم في تشكيل شخصيته إلى أن يصل لسنِّ البلوغ والمراهقة.

فالتقدم والتطور الحضاري أثر بطبيعة الحال على الأطفال، حيث أوجد لديهم حالة بعدم التكيّف والاستقرار النفسي، وهذا ما نلاحظه في الكثير من الأُسَر التي نجد أنَّها تعاني من عدم تمكنها فهم أبنائها وكيفية توجيههم مع متطلبات المحيط الذي يعيشون فيه.

إنَّ الأسرة المترابطة التي توفر جواً آمناً من الحب والرعاية، والتي تراعي القيم الإيجابية وتبعد الطفل عن العادات والقيم السلبية، وتشجعه على استغلال مواهبه وقدراته وتعوِّده على التعاون والمشاركة في جوٍّ من المحبة والألفة، كل هذا يكوِّن النواة الأولى للرعاية النفسية للطفل.

والمدرسة كذلك تكون استمراراً يكمل مسيرة الأسرة، كما وتنمي المدرسة في الطفل الثقة بالنفس والثقة بالآخرين، وتبث فيه روح التعاون والمشاركة وإيثار المصلحة العامة ويجد فيها الفرصة لتأكيد ذاته في جو تربوي سليم يساعده على اكتمال شخصيته ويكسبها المناعة اللازمة للتأقلم مع متغيرات الحياة مستقبلاً.
هناك مشاكل نفسية يتعرض إليها الطفل في هذه المرحلة، وعلينا معرفة أسباب هذه المشاكل، كما علينا أن نضعها دائماً محض الاهتمام لإنشاء الطفل السليم المعافى من أي ظواهر نفسية، ويجب أن نعلم أنَّ هناك مصدر للمشاكل النفسية المتعلقة بالأب والأم أي بمعنى أنَّ هناك أسباباً مصدرها الأم وأسباباً مصدرها الأب وأسباباً مصدرها الطفل نفسه، وتعود الأسباب التي مصدرها الوالدان إلى المعاملة القاسية للطفل والعقاب الجسدي والإهانة والتأنيب والتي تؤدي إلى توقّف نمو ثقته بنفسه، فيملأه الخوف والتردد في أيِّ شيء يريد القيام به ويصبح عرضةً للمعاناة النفسية والخلافات العائلية التي تجبره على أن يأخذ جانباً إما في صف الأم أو الأب مما يدخله في صراع نفسي.

وهناك مسألة التدليل والاهتمام بالطفل الجديد، فمجيء الوليد الجديد يعد صدمة قوية قد ينهار بسببها كثير من الأطفال، فهنا ينشأ لديه التضايق إلى درجة الحزن وإحساس الطفل بالكراهية بين الأب والأم سواء كانت معلنة أو خفية، كذلك الطلاق بين الوالدين حيث وجد أنَّ نسبة 06% من المطلقين لديهم أطفال تحت سن الخمس سنوات يعانون من اضطرابات نفسية.

وأما عن الأسباب التي يكون منشؤها الأم والتي تبدأ من الأم المسيطرة، والتي تلغي تماماً شخصية الأب في البيت، مما يجعل رمز الأب عند الطفل يهتز وكذلك إهمال تربية الطفل وتركه للمربية، أو انشغال الأم الدائم بأمورها الشخصية، وخروجها المتواصل من البيت، وترك الطفل، وتخويفه من أشياء وهمية كالحيوانات المخيفة من خلال الحكايات التي تحكى له مما يترك أثراً سيئاً على نفسيته.

وتأتي الأسباب التي يكون مصدرها الأب والتي تلعب الدور الكبير؛ وذلك بسيطرته القمعية في المنزل، وإلغاء شخصية الأم ودورها، أو انشغاله الدائم بعمله وعدم تخصيص وقتٍ كافٍ للجلوس مع أطفاله والاهتمام بهم، مما يجعل الطفل يفتقده كمثل أعلى وكمعلم وقدوة.

هذه الأسباب يخلقها الوالدان وتؤثر على الطفل، إلا أنَّ هناك أسباباً تكون موجودة عند الطفل نفسه، قد تكون سبباً في مشاكله النفسية كتواضع قدراته الذكائية مقارنة بزملائه في الفصل، مما يجعله يشعر بالنقص والخجل، وخاصة إذا تعرض إلى ضغط زائد من مدرسته أو إذا كانت لديه عاهة تعرضه لسخرية بقية الأطفال كشلل الأطفال أو ضعف السمع أو أي تشوه خلقي في جسده.

وقد يصاب الطفل للأسباب العديدة التي سبق الحديث عنها بالاضطرابات العاطفية كالقلق والخجل والميل للبكاء والحزن، وقد تظهر على شكل أعراض جسمية كالاستفراغ، واضطرابات النوم وفقدان الشهية، والسمنة وتناقص أداء الطفل في المدرسة، والاكتئاب النفسي الذي يظهر بالاضطراب في السلوك والخوف.
كما أنَّ من الممكن أن يصاب بأمراض شخصية كالشخصية التجنبية والشخصية المعارضة التي تتسم بالعصيان، والتمرد، والعناد، وإثارة الآخرين، والتخريب، وإشعال الحرائق، والسرقة، والكذب، والهروب من المدرسة، وكذلك ظهور بعض العادات غير المستحبة كمصِّ الأصابع وقضم الأظافر، إضافة لمشاكل النوم بأنواعها كالتبول الليلي واضطرابات الكلام والتأتأة.


هذه المشاكل أهم ما يتعرض إليه الطفل في هذه المرحلة التكوينية من عمره، والتي تؤثر على شخصيته المستقبلية إن لم تعالج بالشكل الصحيح والمنطقي، والتي يعود لدور الأهل الحيز الأكبر فيها وما يوفرانه من بيئة أُسرية طبيعية ملائمة خالية من التعقيدات والسلبيات وتأمين المناخات المناسبة؛ لتكوين شخصيته السوية والمقومة.














ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: برنامج المدرسة الأولى- الحلقة التاسعة- الدورة البرامجية 27.

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا