مشكلة الوقت في عالمنا العربي
2019/12/01
1096

بينما أنت نائم أو مستلقٍ هناك من يعمل بجدٍ واجتهاد، وبينما أنت جالس تتصفح مواقع الإنترنت، وتتحسر على ما وصل له الآخرون من تطور وثقافة ورقي هناك من يعمل على أمل أن يصل إلى ما وصلوا اليه وأكثر.

مشكلة الوقت في عالمنا العربي ليست بالجديدة، ومع كل جيل نرى أن ظاهرة احترام الوقت بدأت تقل أو تضمحل تدريجياً حتى باتت مجرد نصائح يرددها الآباء على مسامع ابنائهم وهم غير ملتزمين أصلاً بما يقولون..!

أصبح الوقت أمراً ثانوياً في حياتنا مع أن له الأولوية والأهمية القصوى، فها نحن نجد الإمام السجاد (سلام الله عليه) يركز على الوقت وكيفية قضائه بالأمور المهمة والابتعاد عن الأمور الهامشية التي ان لم تنفع الفرد فهي تضره، قال (عليه السلام): (اللهم صلّ على محمد وآله واكفني ما يشغلني الاهتمام به، واستعملني بما تسألني غداً عنه، واستفرغ أيامي فيما خلقتني له).

نعم نحن مخلوقون لغاية عظيمة ولهدف سامٍ، فمن غير المعقول أن الله خلقنا عبثاً ومن هذا المنطلق نحن مسؤولون ومحاسبون عن كل دقيقة تمضي من أعمارنا وخصوصاً وقت الشباب، إذ هو وقت يتميز بالنشاط والقدرة على القيام بأعمال مذهلة.

املأ وقت فراغك بالأهم ثم المهم:

ذات يوم جاء المعلم بجرة وألقى فيها احجاراً كبيرة، وسأل تلاميذه: هل امتلأت الجرة؟ أجاب التلاميذ: نعم .
ثم جاء المعلم بحصى صغيرة ورماها في الجرة فسدت الفراغ الموجود بين الأحجار، وهنا سأل المعلم تلاميذه: والآن هل امتلأت الجرة؟ اجاب التلاميذ: نعم. وفي النهاية أتى المعلم برمل ناعم جداً ورماه في الجرة فسدت الفراغات نهائياً، وسألهم للمرة الثالثة: والآن ما هو حال الجرة؟ قال تلاميذه: لقد امتلأت يا أستاذ.

 وفي هذه الأثناء قام المعلم بسكب كوب قهوة على الجرة والتفت مخاطباً تلاميذه: قد تعتقدون ان لا وقت لديكم وانكم ممتلئون كتلك الجرة، ولكن الحقيقة خلاف ذلك عليكم تقديم الأمور المهمة أو بالأحرى ترتيب أوقاتكم وأولوياتهم، ومن ثم المضي في حياتكم حتى تصلوا لإنجاز تلك الأشياء الصغيرة كذرات الرمل تلك التي ملأت بها الجرة.

في هذه الأثناء التفت احد التلاميذ متسائلاً: فهمنا كل هذه الأشياء يا أستاذ، ولكن ما معنى كوب القهوة الذي سكبته في نهاية الأمر؟ ابتسم الأستاذ واجاب: كنت انتظر أحداً يسألني هذا السؤال لكي أجيبه، انه مع كل الازدحامات في حياتك، هناك وقت لكي ترتشف كوب قهوة مع صديق، فلا تضيّع حتى ذلك الوقت الممتع.

كيف أستفيد من وقتي:

لا يمكن الاستفادة الحقيقية من الوقت إلا عبر إدارته إدارة دقيقة، بشرط أن تكون إدارة مرنة أيضاً، ويقوم فنّ إدارة الوقت على خطوات محدّدة:
1- تحليل الوقت وتخطيطه: وهو عبارة عن كيفية استخدام الوقت بعد جمع المعلومات عن الأنشطة اليومية لمدّة أسبوع أو أسبوعين، ومراقبة أوقات الفراغ والعمل فيها، ثمّ يقوم بتحديد أولوياته في المستقبل، ويخصّص لها الوقت اللازم لأدائها.

2- تنظيم الوقت: حينما يدخل الإنسان في مرحلة تنفيذ الأولويات التي قام بتحديدها، فعليه أن يُحسِن تنظيم الوقت، وإزالة ما يشغله عن القيام بها.

يقول الإمام الكاظم (عليه السلام): "اجتهدوا أن يكون زمانكم أربع ساعات: ساعةٌ منه لمناجاته، وساعة لأمر المعاش، وساعة لمعاشرة الإخوان الثقات، والذين يعرِّفونكم عيوبكم، ويخلصون لكم في الباطن، وساعة تخلون فيها للذَّاتكم، وبهذه الساعة تقدرون على الثلاث الساعات".

رجاء لا تسرق الآخرين..!!

 السرقة لها مضمون واسع قد تسرق أرواحاً أو أموالاً أو قد تسرق أوقاتاً أحياناً أخرى وكلها تصب في مصب واحد وهو السرقة، فعندما نعد شخصاً ما اننا سنحضر في الساعة الرابعة ونحضر في الساعة السادسة فقد سرقنا ساعتين من وقته..! وعندما تقرأ عنواناً لمقطع ما وعندما تتفرج تتفاجأ بمحتوى آخر غير الذي قرأته عندها تكون سرقت وقت المتفرج.. !وهناك الكثير الكثير من المواقف التي نسرق بها أوقات الآخرين أو هم قد يسرقون أوقاتنا .وأخيراً الوقت هو رأسمالك المهم في حياتك، استغله أيام شبابك؛ كي تنعم بانجازك عند كبرك .

 

 

 

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر:صحيفة صدى الروضتين(صحيفة عامة مستقلة نصف شهرية تصدر من قسم الشؤون الفكرية والثقافية في العتبة العباسية المقدسة)/هدى محمد الحسيني- العدد 367.

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا