الهدية بين الزوجين
2023/12/02
272

كما تعلمين مستمعتي الكريمة أن الزواج هو آية ربانية وسنة نبوية وضرورة اجتماعية، فيه سكينة للنفس وسكن للغريزة الإنسانية ولكي ينجح لابد له من منهج قويم وتخطيط سليم له، فهنالك شيء قد حثت عليه الوصايا النبوية والتي تزيد من الوئام والمحبة بين الناس كافة وبين الزوجين على وجه الخصوص ألا وهي الهدية(الهبة).

إن للهدية أثر كبير في جلب المحبة والتراحم خاصة إذا صحبت بكلمة طيبة وابتسامة صادقة فهي مجلبة للمحبة ودافعة لملل قد تراكمه الأيام ولا يقتصر أثر الهدية على تحقيق المحبة فقط بل لها أثر في إزالة الجفوة ومسح ما قد يكون من غضب حدث بين الزوجين.. فإن الحياة الزوجية ممتدة لأجل مسمى، ومن البديهي أن يحصل سوء الفهم والخلاف بينهما فيسبب بحصول جفاء عاطفي وهنا يأتي الدور الفعال للهدية والتي تكون لسان حال الاعتذار لجلاء ما في القلب من الأكدار، ولا شك أن النفس والقلب يتأثران بها امتنانا من صاحبها وشكرانا له إضافة إلى ذلك فإننا نرى أن دلائل الشرع تؤيد ذلك وتؤكده لما ورد عن النبي محمد (صلى الله عليه وآله) بقوله: "تهادوا تحابوا"، حيث لخص نبي الرحمة والهدى الفعل وأثره أي أن تجعلوا بينكم التهادي وتبادلها يحصل لكم مودة وألفة.

لكن من المؤسف أن بعض الأزواج بما فيهم الزوج والزوجة يغفلان عن أهمية الهبة على الرغم من دورها الفعال في بث المحبة وإذهاب البغيضة وتدل على طيبة النفس والقلب وهي من أهم الخطوات التي يكون من خلالها مكسبةً لقلب كل من الزوجين لبعضهما البعض، وإن قيمة الهدية فيما تحمله من معنى ورسالة صادقة مفعمة بأطيب وأخلص المشاعر.

ولا تكمن أهميتها في قيمتها المادية؛ لأن كلا الطرفين هو أعلم بوضعهما، المادي ولكن القيمة الأكبر أنه في ظل الظروف المعيشية كان هنالك حرص على تقديمها.. فهي لغة تتكلم يستخدمها الزوجان لتوصيل الكثير من المعاني ومن أهمها هي تجديد المحبة والود بينهما..

إن من الهديا بين الزوجين هو مدى تعاونهما على تربية الأطفال بالصورة الصحيحة، فنتاج فرد صالح للمجتمع يحمل أخلاق آل محمد (صلى الله عليه وآله) هو أفضل هدية من الزوجين يمكن أن يقدمانه لبعضهما البعض وللمجتمع، ولا يقتصر دور الهدية في حياتهما فقط بل حتى بعد الموت نلاحظ عند وفاة أحد الزوجين فيقوم الزوج أو الزوجة بالأعمال العبادية كالصلاة والصوم والصدقة وزيارة الأضرحة المقدسة وغيرها من الأعمال التي تنمّي رصيد المتوفي وتثقل ميزانه.


وخير مثال لامرأة وهبت كل ما في وسعها لأجل زوجها هي السيدة خديجة (عليها السلام)، زوجها الأكرم صلّى‌ الله‌ عليه‌ وآله ووضعت كل أموالها في تصرّفه لنصرة الرسالة المحمديّة الغرّاء، كما ذكر بعض الباحثين أنها أوعزت إلى بن عمها ورقة بن نوفل بأن يعلن أمام الملأ: إنّ جميع ما تحت يدي خديجة من مال وعبيد قد وهبته لمحمّد (صلّى‌ الله‌ عليه‌ وآله) يتصرّف به كيف يشاء، فوقف ورقة بن نوفل بين زمزم والمقام ونادى بأعلى صوته قائلاً: يا معشر العرب، إنّ خديجة وهبت لمحمّد (صلّى‌ الله‌ عليه‌ وآله) نفسها ومالها وعبيدها وجميع ما تملكه بيمينها إجلالاً له وإعظاماً لمقامه ورغبة فيه.

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: إذاعة الكفيل - برنامج عصب الوفاق - الدورة البرامجية 76 - الحلقة الرابعة.

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا