حرب المصطلحات!
2025/01/01
68
حرب المصطلحات!

في عالمنا الذي يضج بالغرائب والمفاهيم المغلوطة التي تأخذ أشكالاً مختلفة! لتصل إلى الناس وهي تحمل معاني ومؤديات كارثية، وقد أُطرت بمصطلحات أنيقة خافيةً قباحتها ولوثتها، لتختبئ خلف تلك المصطلحات التي تُصدّر إلينا بطرق مختلفة، وأغلبها ملتوية على الواقع وتحاول سرقة الحقيقة والتكوين لصالح نزوات وغرق مخيف في الشهوات والملذات، وبعد أن كان موقف الفطرة السليمة ملبياً لنداء قيم السماء في طبيعة فهم الحسن والقبح وتحديدهما ليتسنى تحذير البشرية من أخطار انحرافها عن جادة فطرتها التي فطر الله الناس عليها؛ أخذ العالم شكلاً آخر في طبيعة الصراع الكبير والأزلي بين الأضداد ولوازمها، فعندما كانت المرأة ومكانتها المحورية داخل المجتمع ودورها الريادي في تأسيس بيئة صالحة للعيش نقية المفاهيم، وضمن الأدوار والتراتبية التي فرضتها الطبيعة التكوينية للبشر وعلاقتها في محيطها، جاءت القوى التي تمثل الشر فشيطنت دورها عبر الإعلام لتُخرجها من عالمها الواقعي ضمن المحددات السليمة إلى عالم آخر، مليء بالخداع! وملاكه الوهم والضياع؛ ليحولوها فيما بعد إلى سلعه تُعرض لترغيب المشترين، لتفقد خصوصيتها وجوهرها العظيم الذي لا يناسبه سوى الستر والعفاف.
وكذلك قلب الجرائم والانحرافات إلى ميول لا بدّ من التعامل معها لفرضها واقعاً، وقد تكفل بهذه المهمة (المصطلح) الذي تلوعب به للتخفيف من حدة الجريمة تارة، وتارة أخرى لتمريرها بين الناس على أنّها حقيقة قابلة للقبول والانصهار في المجتمع، تحت صبغات مختلفة وعناوين شاذة؛ كمصطلح (المثلية) الذي جعلوا له قانوناً يحميه تحت مسمى الميول لتخف قباحته تمهيداً للتطبيع معه! وقد خفي عن هؤلاء أنّ فطرة الله التي فطر الناس عليها تأبى هذا القبح والشذوذ، فهو خلاف ما عليه تلك الفطرة، كما أنّه يُعدُّ إنقلاباً صارخاً عليها.
والذي نريد أن نصل إليه أنّ هؤلاء يقومون بتحويل القبائح والجرائم عبر تغيير المصطلحات إلى واقع يُفرض ويُتعايش معه وهذا من المحال، فهو أحد التحديات الكبيرة التي تواجه الهوية الدينية والقيم السليمة التي أساسها الفطرة، فتسمية الأمور بما تحمله من قبائح هو قمع للفاحشة والفساد، وعلى النخب داخل مجتمعاتنا أن تعيَ خطورة هذه الحرب غير المرئية والناعمة في أغلب مراحلها.

✍️ الشيخ أحمد صالح آل حيدر

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرة الخميس/ نشرة أُسبوعيةٌ ثقافيةٌ (مجانية) تصدر عن العتبة العباسية المقدسة/ العدد١٠١٦.
تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا