زلات اللسان ومسؤولية الكلمة
2023/08/04
479

قد يقع الإنسان -خلال الأحاديث اليومية والمناقشات والاتصالات والتفاعلات الشفوية- في أخطاء، تتمثل في أساليب النطق بالكلمات والعبارات أو تحريف الكلمات، يكون تفسيرها من وجهة نظر علم النفس أنها ليست أحداثاً عفوية أو عرضية على الإطلاق! بل أنها تُعبّر عن مشاعر ومواقف خفية تكمن في أعماق النفس إزاء شخصٍ أو أمرٍ ما، حيث تنبعث من أعماق اللّاوعي بعد مرحلة من الكبت الذي يُمارسه العقل الواعي عليها؛ وتتضمن هذه المشاعر دلالات متعدّدة ذات طابع عاطفي وحسّي، كما تُحمل على محمل الدعابة والفكاهة في كثير من الأحيان، وربما تبدو عفويّة وتلقائيّة في أحيان أخرى.
ومن هنا يتّضح جلياً أن كل ما خفي في قلب الإنسان من حب أو بغض أو طمع أو غضب، أو غيره من انفعالات النفس، ينكشف عن طريق فلتات اللسان! فيخرج المعنى من حيث لا يشعر به صاحبه فيُؤخذ به، وفي هذا الشأن يقول أمير المؤمنين (عليه السلام): «مَا أَضْمَرَ أَحَدٌ شَيْئاً إِلَّا ظَهَرَ فِي فَلَتَاتِ لِسَانِهِ، وَصَفَحَاتِ وَجْهِهِ».

وزلات الّلسان هذه قد تكون أكثر وقعاً لدى الآخرين وأكثر مدعاة للحرج إذا كان من يرتكبها معرّضاً للانكشاف العلني أمام جمهرة من الناس، كما هو الحال لدى الخطباء والزعماء الرسميين والمذيعين ومقدّمي الأخبار والبرامج المتلفزة والفضائية، ويمكن للدارس أن يجمع كثيراً من زلات اللسان هذه من ثقافته المحلّية.
يُعد النطق ثمرة مهمة عند الإنسان، لكن يُراد بالكلام أن يكون وفق مقاييس وضوابط معيّنة يجب أن تكون الكلمة موزونة، وفيها شعور بالمسؤولية، لذا على الإنسان أن يفكّر فيما سيقوله كثيراً قبل أن يتكلّم، وأن يحترم مشاعر الناس وخصوصياتهم.
وغالباً ما يكون للكلمة أثر مروّع! لذلك قيل قديماً: (عثرة القدم أسلم من عثرة الّلسان)؛ أي أن تزل قدم الإنسان فيقع على الأرض ويصيبه الكسر الذي يلتئم مع الأيام أفضل من أن يزلّ لسانه فينطق بكلمة تؤذي السامع أو تجرّ عليه الأذى، فلا يسلم منها طول الدهر!

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: نشرة الخميس/العدد 943 (نشرة أسبوعية تصدر عن وحدة النشرات من العتبة العباسية المقدسة)، حسين مهدي كندلة.





تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا