الأسرة ودورها التربوي
2023/01/10
467

إن الأسرة هي الخلية الأولى للمجتمع وهي المأوى الذي يترعرع فيه الطفل منذ ولادته وهي التي تلقنه مبادئ الحياة الاجتماعية وفيها يتعلم أيضا معنى المسؤولية، كما أن الأسرة هي التي تربي لديه الوعي الاجتماعي ومنها يأخذ مبادئ السلوك الاجتماعي، كما تؤدي الأجواء الأسرية دوراً هاماً في ترسيخ القيم والمعتقدات في نفوس الأطفال، ويمكن تلخيص وظائف الأسرة الأساسية في:-

* التربية الخلقية: إن الطفل عادة ما يستمد قيمه وعاداته من الأسرة التي يعيش فيها فهي التي تزرع فيه القيم الاجتماعية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة وذلك من خلال الجو الأسري الذي يعيشه الطفل وخاصة في مرحلة الطفولة حين يكون الطفل مهيأ لتقبل كل ما يوجه إليه وكل ما يكتسبه داخل أسرته ومن وظائف الأسرة أيضا.

* التربية الجسدية: إن من واجبات الأسرة الحفاظ على أفرادها وذلك من خلال العناية الصحية التي توليها لهم ولابد لرب كل أسرة العمل على توفير الغذاء لأفرادها والحرص على المتابعة الصحية لهم عن طريق علاج كل فرد من أفرادها في حالة المرض وتوفير أسباب الراحة لهم كل ذلك من منطلق (إن العقل السليم في الجسم السليم).   

* التربية العقلية:- ينبغي على الأسرة أن تهتم بالتربية العقلية لأبنائها فالجو العائلي الذي يتربى فيه الطفل يعتبر بمثابة الوسط المثالي الذي يتعلم فيه لغة التواصل مع الآخرين ولذلك يؤدي دورا هاما في اكتساب اللغة عند الطفل لأن الحوار الحاصل داخل الأسرة ينمي القدرات اللغوية عند الطفل ويكسبه أداة التواصل بينه وبين من حوله وبذلك يكون قادرا على الاندماج في المجتمع من خلال ما اكتسبه داخل أسرته كما أن مجرد شعور الطفل بانتمائه إلى أسرته يبعث في نفسه الطمأنينة ويجعله مستقرا نفسيا لأنه وجد نفسه في جو آمن..
وكلما أخذ الطفل داخل أسرته رعاية واهتمام وعطف من باقي أفراد الأسرة كلما ازدادت ثقته بنفسه وبمن حوله وهذا ما يجعله فردا ذا قيمة اجتماعية لأنه وبكل بساطة اكتسب من أسرته ما جعله يتجه بسلوكياته اتجاها سليما خال من كل عقد نفسية مدمرة لحياته بكاملها لأن فقدان العطف والحنان والرعاية النفسية داخل الأسرة يجعل منه كائنا اجتماعيا منحرفا وقد نظر مولانا الامام علي (عليه السلام) للطفل ككتلة مشاعر وأحاسيس ينبغي صيانتها وإحاطتها ببيئة صالحة لتزدهر وتنمو حتى تترسخ قواعد الشخصية السوية، حيث يقول عليه السلام عن الطفل:- (ذُو نِيَّةٍ سَلِيمَةٍ ونَفْسٍ صَافِيَةٍ) ومن الحقوق المعنوية الرئيسية التي أدى الإمام إلى تحقيقها في المجتمع هو حق الأمن للأطفال حيث يقول:- (من أخاف طفلاً فهو ضامن على وفق نظام التعويضات الذي أسسه الإمام في عهد الرسول صلّى الله عليه وآله).

* التربية الدينية: تعتبر الأسرة هي المرجع الرئيسي الذي يأخذ منه كل القيم الدينية وعلى هذا الأساس تساهم الأسرة بشكل مباشر في التربية الدينية عند الطفل، فكلما كانت الأسرة محافظة ومتمسكة بالقيم الدينية النبيلة كلما تربى الطفل على الفضيلة وعندئذ يكون عنصرا فعالا ونشيطا وصالحا في المجتمع. 

كما أن هناك عوامل أسرية تؤثر في عملية التربية لعل من أهمها:-
أ– علاقة الطفل بالوالدين:- إن بعض الأساليب المتبعة في تربية الأطفال قد تجعله يفقد الثقة بوالديه وبذلك تتصدع العلاقة الرابطة بين الطفل ووالديه وغالبا ما ينتج ذلك من تصرفات الأبوين أو احدهما بقصد أو بغير قصد نحوه وعلى هذا الأساس ينبغي على الوالدين أن يكونا قريبين من الطفل وذلك لخلق جو من الثقة بينهما وبين الابن مما يساعدهما على توجيهه , كما أن هذا الجو المتميز من الثقة بينهما يجعله يحترمهما ويطيعهما ويستجيب لكل أوامرهما كما ينبغي أن تقوم هذه العلاقة على أساس الاحترام والتقدير وليس على أساس الزجر والعقاب والإكراه.

ب– توافق الأسرة وتماسكها: إن الترابط الأسري يعتبر من أهم العوامل التي ترسم معالم شخصية الطفل باعتباره النموذج المثالي الذي يحتذي به الطفل فالطفل في أسرته ليس مجرد عنصر بل هو أحد أهم مكوناتها ولذلك فهو الملاحظ والمشارك والتابع وعلى هذا الأساس فهو يتأثر بكل ما يراه وما يسمعه وما يفعله كل المحيطين به، وغالبا ما تكون للخلافات الأسرية الأثر البالغ على مستقبل الطفل، وحتى نجنبه الاضطراب ينبغي أن يسود التفاهم بين أعضاء الأسرة صغارا وكبارا وبهذا لا ترتسم في ذهنه أي صورة قد تؤدي إلى  تذبذبه وانحرافه خصوصا وأنه يتلقى في المدرسة دروسا تمكنه من الإدراك والتمييز والفهم..
فضلا عن ذلك فالعدد الكبير لأفراد الأسرة الواحدة يؤثر بصورة مباشرة على تربية الأطفال وذلك لأن توجيه وترشيد الطفل داخل أسرته ليس بالأمر الهين حسب نظرة الأخصائيين التربويين ولكي ينشأ الطفل تنشئة سليمة مشبعة بالقيم ينبغي أن يأخذ الوقت والاهتمام الكافيين داخل الأسرة وهذا لا يتأتى في ظل الجو العائلي المزدحم والكثير الأفراد لأن في هذا الوضع يفقد الطفل الاهتمام الكافي لتوجيهه وتربيته داخل أسرته التي تعتبر منبع العملية التربوية. 

د– المستوى الاجتماعي والاقتصادي للأسرة:- إن الأطفال الذين يتربون قي مجتمع مثقف ليس كغيرهم من الذين يتربون في وسط اجتماعي تسوده الأمية والجهل، أما الناحية الاقتصادية فيبدو أثرها واضحا على الأطفال الذين يعانــون عوزا ماديا  ذلك الذي ينعكس على تربيتهم ومستواهم الثقافي والدراسـي لأن الطفل في أسرته يحتاج إلى كثير من الوسائل المساعدة على ترقيته ونموه، فتوفير كل المتطلبات يصرفه عن التفكير في السعي لها وبذلك يتفرغ للانسجام والاكتساب وفي هذه المرحلة نستطيع القول أن الحالة الاقتصادية للأسرة تؤثر بشكل مباشر في عملية التربية.

وختاما نقول إن الطفولة سلسلة من الفترات أو المراحل المتتابعة، والمتكاملة في بناء شخصية الإنسان المستقبلية، ولكلّ فترة ميزاتها ومتطلباتها، والوالدان هما المسؤولان الأساسيان عن تأمين المتطلبات التربوية للأطفال في كلّ فترة أو مرحلة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: إذاعة الكفيل - برنامج أسرتنا الى أين الدورة الــ 56 - الحلقة الثالثة.

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا