نورٌ خُطِفَ وألمٌ خلَّدَ درسًا
2025/11/24
20

يبقى استشهاد مولاتنا فاطمة الزهراء (عليها السلام) جرحًا مفتوحًا وحدثًا مفصليًا تجاوز كونه فقدًا شخصيًّا لابنة رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ليغدو شهادة على ظلمٍ كبير ومعاناةٍ مريرة تحمل في طياتها دروسًا متجددة للأمة، فاستشهادها المبكر لم يكن مجرد نهاية لمسيرة امرأة عابدة، بل بداية لمسار طويل من التحديات التي واجهها أهل البيت (عليهم السلام) دفاعًا عن الحق والوصية.

ولقد كانت الزهراء (عليها السلام) نورًا يضيء حياة أبيها المصطفى (صلى الله عليه وآله)، حتى لُقِّبت بـ(أُمّ أبيها)؛ لحنانها ورعايتها له في أشد اللحظات، إذ يقول النبي (صلى الله عليه وآله): «فاطمة بضعة مني، مَن أغضبها أغضبني» (صحيح البخاري: 4/210)، وهو حديث يكشف مكانتها الروحية الفريدة التي جعلت رضاها من رضا الله ورسوله.

وكانت كذلك (سيدة نساء العالمين) بشهادة آية المباهلة: ﴿فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أبْنَاءَنَا وَأبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ﴾ (آل عمران: 61)، فكانت هي المرأة الوحيدة التي خرج بها النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) لتدل على عظيم شأنها.

ومكانتها لم تقتصر على كونها ابنة النبي (صلى الله عليه وآله)، بل تعدّت ذلك لتكون قدوة للمرأة المسلمة؛ عالمة حكيمة، وعابدة خاشعة، وزوجة وفيّة لأمير المؤمنين (عليه السلام)، وأُمًّا لسبطي الأُمة الحسن والحسين (عليهما السلام).

كان بيتها مدرسة ربانية يتخرج منها الأئمة الأطهار (عليهم السلام)، مما جعل حياتها صورة متكاملة للموازنة بين العبادة والعمل الاجتماعي والقيادي.

وأما استشهادها، فقد ارتبط مباشرة بما جرى بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) من أحداث عصفت بالأمة.. فقد وقفت الزهراء (عليها السلام) بكل شجاعة مدافعةً عن حق الإمام علي (عليه السلام) في الخلافة الشرعية، معتبرةً ذلك امتدادًا لرسالة أبيها (صلى الله عليه وآله)، وذلك عبر خطبتها الفدكية في المسجد النبوي، التي تشهد على وعيها السياسي والشرعي، إذ وضّحت فيها انحراف الأمة عن وصية النبي (صلى الله عليه وآله) وبينت معالم الحق المضيّع.

هذه المواقف جعلتها عرضة للأذى، حتى انتهى الأمر باستشهادها مظلومةً مكسورة الجناح، كما ورد في مصادر المسلمين جميعًا.

إن استشهادها (عليها السلام) مثّل:

- شهادةً على الظلم الذي لحق بأهل البيت (عليهم السلام)، وصرخةً في وجه الانحراف.

- دفاعًا عمليًّا عن الولاية التي حاولت تثبيتها حتى آخر لحظة من حياتها.

- درسًا متجددًا للأمة بضرورة التمسك بالعدل والحق مهما كلّف الأمر.

- مصدرَ دعمٍ للمجتمع في الصبر والثبات أمام الشدائد.

 

  • زينب حسنين التميمي
__________________________________________
نشرة الكفيل/نشرة أُسبوعيةٌ ثقافيةٌ (مجانية)، تتناولُ المعارفَ القُرآنيةَ، والعقائديةَ، والفِقهيةَ، والتاريخيةَ، والأخلاقيةَ، والتربويةَ، والاجتماعيةَ، والصحيةَ بأُسلوبٍ مبسّطٍ ومختصرٍ، تصدر عن العتبة العباسية المقدسة/ العدد 1048.
تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا