معنى النجاح في عالَم المرأة
2025/11/20
26

كلّما تفوّق إحساس المرأة الحقيقي بذاتها، ثبتَ نجاحها، كونها إنسانة بأبعادها المعنوية، فقد وضّح القرآن الكريم هذه الحقيقة عندما لم يفرّق بين الرجل والمرأة في امتلاك الكرامة الذاتية، بل يقول على نحو الإطلاق: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ..﴾ (الإسراء: ٧٠)، وجملة (بني آدم) هو نصٌّ صريح في نوع الإنسان، الذي يُطلَق بنحو التساوي على الرجل والمرأة، وهذا ما أكدته كتب التفسير بالإجماع.

 

أمّا النجاح الذي تحقّقهُ بعض النساء عِبر التعرّي واستعراض المفاتن، وتحويل آدميّتها إلى سلعة ووسيلة لجلب المشاهدات، وكسب المال على حساب أنوثتها، فهذا هو السقوط بعينه، والانحدار إلى مستنقع الرذيلة! ويُوهِم المرأة بأنّهُ نجاح، وهو عين النقص والفشل!

 

ولو تأمّلَت المرأة رأفة ربّها ومداراتهِ وتكريمهِ إياها منذ لحظة ولادتها إلى حين مَماتها، لَما استعرضت حالها وباعته بثمَنٍ بخس! فالله (عزّ وجلّ) لم يطلب منها، ولم يحمّلها عناء طلب الرزق والسعي له، حفظًا لها وصونًا لفطرتها التي خلقها عليها.

 

وعند تسليط الضوء على حالات الأمم والشعوب السالفة، نشاهد أنهم عدُّوا المرأة جزءًا من ممتلكاتهم، كما الحيوانات وأثاث بيوتهم، ولم يكن الناس يومذاك قد آمنوا بأنّ الأنثى مخلوقة أو إنسانة، فصدح القرآن بما يدلّ على أن المرأة إنسانة مكرّمة، وأعلن عن مساواتها بالرجل في الخَلق والهوية الإنسانية، أمّا من حيث المشاعر الروحية والقيم المعنوية، فقد أكّد ذلك بالخطاب الموحّد في القرآن الكريم كقوله (عزّ وجلّ): ﴿يا أيها الناس﴾، و﴿يا أيها الّذين آمنوا﴾، ممّا يعني، أن ليس ثمّة فارق أو اختلاف أو تمييز بين الرجل والمرأة في الخطاب القرآني، بل إنّ الهدف الرئيسي من تلك الخطابات هو كِلا الجنسين.

 

من هنا، عدّ الإسلام المرأة أحد العنصرين المهمّين والنواة الحقيقية، والمكوّن الأساسي في وجود الإنسان، وأنّ الفارق الأصلي لكلّ منهما عن الآخر هو (التقوى) الإلهية، إذ قال (عزّ وجلّ): ﴿يَا أيُّهَا النَّاسُ إنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إنَّ أكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ﴾ (الحجرات: ١٣).

 

فما بقيَ على نسائنا اليوم، سوى أن يُدركنَ فضل الإسلام عليهنّ، في إحياء شخصية المرأة وصونها عن العبث والتلاعب في شأنها، مقارَنة بما تسمى بالمرأة الغربية، وكيف صنع الغرب منها دمية يتلاعب بها، أو يقتنيها متى شاء، فتراها تعيش سكرة الشهرة، ووَهمُ النجاح.

 

  • كوثر العزاوي
__________________________________________
نشرة الخميس/نشرة أُسبوعيةٌ ثقافيةٌ (مجانية)، تتناولُ المعارفَ القُرآنيةَ، والعقائديةَ، والفِقهيةَ، والتاريخيةَ، والأخلاقيةَ، والتربويةَ، والاجتماعيةَ، والصحيةَ بأُسلوبٍ مبسّطٍ ومختصرٍ، تصدر عن العتبة العباسية المقدسة/ العدد 1062.
تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا