2025/11/19
19 إن من الخطأ أن تعتقد الفتاة أن سلوكها ومظهرها جزء من حريتها الشخصية التي هي من الحقوق الفطرية للإنسان، فإن الفعل الاجتماعي تتعلق به استحقاقات اجتماعية عامة بحسب قانون الفطرة وبحسب الدين أيضًا، فلا بد من رعايتها على وجه معقول وملائم وفق النظرة العامة إلى هذا الفعل وآثاره في المجتمع العام، كما يحدّد الأبوان حريتهما الشخصية في البيت رعاية للجانب التربوي، وكما تحدّد الحرية الشخصية للسائق في كيفية السياقة رعاية للصالح العام.
وبذلك أيضًا يظهر الخطأ في توجيه آخر شائع للمظاهر غير الملائمة لبعض الفتيات وهو أن الأعمال إنما هي بالنيات، وربّ امرأة تظهر بمظهر فاتن وهي ذات قلب نظيف، بينما نجد أخرى تتجنب ذلك وهي ذات توجهات أو سلوكيات خاطئة.
فهذا التوجيه أيضًا خاطئ عند التأمل الواعي، كما يظهر من الحديث السابق؛ لأن طيب النية هي صفة إيجابية فعلًا لكنها لا تغني عن صلاح العمل وسلامته وملاءمته، ولاسيما إذا كان العمل اجتماعيًّا؛ لأن للعمل الاجتماعي دورًا اجتماعيًّا في التربية والسلوك الاجتماعي، وهذا الدور يثبت للعمل سواء كانت النية به خاطئة أم لا، كما أن من ترك عملًا خاطئًا فهو من حيث تركه له خطا خطوة صائبة، وإذا كانت له توجهات وخطوات أخرى خاطئة فإنه يُذم ويُعاتب عليها وليس على هذه الخطوة، وهذا أمر واضح من المنظور الحكيم والفاضل.
وإذا كانت هناك مَن تتستّر بالمظهر العفيف لغايات خاطئة! بحيث يشوه هذا المظهر، فتلك خطيئة كبيرة وآثمة بحق الآداب الاجتماعية العامة ومَن يهتم بمراعاتها من حيث الاستخدام السيئ للفعل السليم، فهو يُعاتب على هذا الاستخدام والتوظيف السيئ، وليس لذات المظهر العفيف.
وعلى الإجمال: فلكل بُعدٍ من أبعاد العمل حسابه وأثره، فمَن أتى بسلوك غير راجح سلمت نيته عن غاية خاطئة كان ممدوحًا على سلامة نيته ومعاتبًا على سلوكه ذاك، ومَن سلم عمله ولكنه انطوى على نية سيئة سلم عمله عن الذم والمعاتبة وعوتب على توجهه الخاطئ على السلوكيات الأخرى الخاطئة المنبعثة عن توجهه ذاك، فينبغي للإنسان النابه والمنصف فرز الأمور بشكل موضوعي، ولا يصح مزج بعضها ببعض لتبرير سلوك خاطئ أو الحط من قيمة سلوك غير ذميم.
__________________________________________
2025-11-18