تركز فريضة الصلاة سلسلة متنوعة من العناصر التي تتحد فيما بينها؛ لتعمل على توجيه الإنسان إلى سبل معرفة واجب العبد تجاه المعبود، وتبرز تلك المرتكزات بشكل سلوكي في التعاملات الاجتماعية اليومية، وأنّ مقياس جدواها وأثرها بالواقع يتضح عبر أواصر الترابط بين الفرد ومحيطه، ومما يصدق ذلك عندما يكون العبد منغمسًا بشكل كبير في مفهوم الصلاة مدركًا الغاية الروحية منها، وكيف أنّها تصل بالإنسان إلى مراتب النقاء النفسي والاستقرار الوجداني؟
يقول الله تعالى في محكم كتابه العزيز: ﴿إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾ (العنكبوت: ٤٥)، من ذلك ندرك قيمة الصلاة وأثرها، فهي المحدد إذا ما كان مؤديها عارفًا بحقّها، ينعكس تأثيرها على تكوينه الشامل روحيًا وماديًا وسلوكيًا، ويقال إنّ من أشدِّ العقوبات الدنيوية على الإنسان أن يعاقبه الله تعالى بترك الصلاة، أو التقصير في أدائها، محددًا إياها بالفيصل ما بين قبول العبادات الأخرى ورفضها.
وتتضمن الصلاة مفاهيم عديدة؛ منها: الأثر التربوي الذي تتركه على العبد، كيف لها تهذيبه في تأدية الحقوق المفروضة؟ سواء الشخصية أم التي لها علاقة بالآخرين من حوله، كما أن الارتباط بشكل وثيق مع الصلاة يؤدي إلى بيان آفاق المعرفة بالأمور الدنيوية؛ كونها المفتاح الذي هيّأه الله سبحانه وتعالى للإنسان لدخول أبواب اليقين والسعي نحو تحقيق الهدف المنشود من أداء الصلاة، التي بدورها تحرك تلك القوى الخفية، حاملة مؤديها إلى مناطق الاطمئنان والرخاء النفسي والمعنوي.
إذن تبني الصلاة العبد على مستويين متوازيين:
أمّا الأول: هو الارتباط بالله تعالى عن طريق نقاط التواصل الخمسة.
والثاني: يتجسد في تقويم السلوك وترويض النفس تجاه مغريات الدنيا، والابتعاد عما فيه معصية الخالق عزّ وجلّ.