إنّ علاقة الزواج توفر لكل من الطرفين سبيلًا إلى الإيفاء بالحاجة الغريزية، وبالحاجة العاطفية العامة؛ التي تحصل بالمعايشة بينهما بأخلاق لائقة وسلوك ملائم، والتأصيل الفطري والشرعي العام أنّ هناك وظيفة مشتركة بين الزوجين (رجلاً وامرأة)، وهي السعي إلى تحصين الآخر، وكفافه في اقتضاءاته الغريزية والعاطفية، فمن سبّب إلى الإخلال بذلك رجلًا كان أو امرأة فقد أخلّ بالغاية من الزواج وبروح هذا العقد.
وأدى ذلك، إمّا إلى حالات مرضيّة عضوية ونفسية وأخلاقية للطرف الآخر؛ مثل القلق والكآبة والتشنج العصبي وسوء الأخلاق، وهو يرجع بالضرر على المسبب للخلل وسائر أفراد الأسرة، بل قد تستتبع تلك الحالات كثيرًا عدم قدرة المرأة على القيام بدورها في الأسرة، أو عدم قدرة الرجل على إدارة الأسرة والعمل الجاد لأجل الإنفاق عليها، وقد يؤدي هذا الاختلال إلى انفتاح باب آخر للخطيئة على الطرف الآخر، سواء كانت هذه الخطيئة بين المرء وذاته، أو بينه وبين طرف ثالث، فإنّ الحاجات المزمنة والمستمرة يشقُّ الصبر عنها، فالتفريط الطويل في أمرها من شأنه أن يؤدي إلى توجه النفس بالبحث عن البديل، ومن ثَمّ ينبغي على الطرفين الاهتمام البالغ بهذه الحاجة الداخلية، التي تشبه من وجه الحاجة إلى الطعام والشراب.
ولكن رغم هذه الوظيفة المشتركة للجنسين فقد اعتبر للرجل درجة على المرأة في هذه العلقة من جهة ما وصفناه، من خصائصه النفسية، وحاجته المؤكدة إلى الإيفاء بحاجته الغريزية والعاطفية، ومن ثَمّ أوجب على المرأة إطاعة الزوج في غير ما يلزم حرجًا شديدًا أو ضررًا يترتب على الاستجابة، ومن ثَمّ لا ينبغي للمرأة الراشدة التساهل والتثاقل، أو احتقار هذه الحاجة والترفع عنها، فإنّ ذلك خطأ كبير، بل هو إذا اتفق من غير عذر خطيئة فعلًا، لكن لا يصح للزوج التعسف في إعمال هذا الحق بما يؤدي إلى إحراج المرأة وضررها، كما لا يصح للزوج أيضًا التفريط بحاجة المرأة، وإن أعرضت هي عن بيانها.
__________________________________________