التاسع من ربيع الأول
2025/09/02
66

في الثّامن من شهر ربيعِ الأوّل استُشهِدَ الإمامُ الحسن العسكري (عليه السلام) مظلومًا بسُمٍّ دُسَّ إليه بأمرٍ من المعتمدِ العباسي، وقامَ ولده الإمامُ المهدي (عليه السلام) بتغسيلِه وتكفينه والصّلاة عليه، وكان عمرهُ آنذاك خمسةَ سنين.

وفي التّاسع منه يُقيم الشّيعة الموالدَ والاحتفالات ويُظهرونَ السّرورَ والبهجة، تحت عنوان تتويج الإمام المهدي (عليه السلام) بالخلافةِ والإمامة، وهنا لنا وقفة مع هذه التّسمية:

١- الإمامة منصِبٌ إلهيٌّ لا إرادةَ للبشرِ في تعيينِ مَن يحوزه، والأئمّةُ (عليهم السلام) اختارهمُ اللهُ قبل أن يخلقَ البشر، حيث كانوا أئمّةً في عالمِ الأنوار وتقدّمت خلقتهم على خلقة جميع الموجودات. (انظر: بحارُ الأنوار: ج٥٤/ص١٧٠).

٢- بمجرّد موتِ الإمام السّابق يتصدّى الإمامُ اللّاحق للإمامةِ الظّاهريّة (انظر: بصائرُ الدرجات: ص٥٠٨)، فالأرضُ لا تخلو من حُجّةٍ لله؛ إمّا ظاهرًا أو مستترًا، أُسندت إليه أمور الخلافة أم لا.

٣- أنّه بموتِ الإمام (عليه السلام) يُثلَم الإسلام، وهو يومُ مصيبة وحزن وبكاءٌ وتألُّـمٌ على فداحَةِ المصاب وعظيمِ الخسارة (انظر: الكافي: ج١/ص٣٨)، والإمامُ يقفُ على هذا الأمر أكثر من غيره، فكيفَ يتّخذهُ عيدًا ومناسبةً لإظهارِ الفرحِ والسّرور؟! ومنصبُ الخلافة لا قيمةَ لهُ عندَهُم إلّا بمقدارِ إحياءِ الدّينِ وتطبيق شرعَ الله وإحياء الحقِّ وإماتة الباطل، ولا يريدونَ به عرضَ الحياةِ الدّنيا وملذّاتها واستعبادَ النّاسِ وحُكمهم والتّسلُّطَ عليهم. (انظر: نهج البلاغة: 1/80).

٤- التّتويجُ من عاداتِ وأعرافِ الملوك وحُكّامِ الدّنيا والسّلاطين، ويتّخذونهُ يومَ فرحٍ وسرور لهلاكِ السّلطانِ السّابق وتسلم خليفته سدّة الحكم، وكم من أولادِ السّلاطين يتمنونَ هلاكَ آبائهم للاستحواذِ على الحُكم، وكم من أبٍ مستعدٍّ لقتلِ أولادهِ وإخوانهِ وأقاربهِ وأصدقائهِ في سبيلِ البقاء على العرش، فإذن هذه السّيرة بعيدةٌ عن جوهرِ الدّين وعن تعاليمِ وأخلاقِ الحُجَجِ المعصومين (عليهم السلام).

٥- جاء في الرّواية عن الإمام الصادق (عليه السلام): «رحمَ اللهُ شيعتَنا، خُلِقُوا من فاضلِ طينتنا وعُجِنوا بماءِ ولايتنا، يحزنونَ لحُزننا ويفرحونَ لفرحِنا» (بحار الأنوار: ج٥٣/ص٣٠٣)، وإظهارُ الفرح في مناسبات أحزانهم خلافُ المودّة، ويُدخلُ الأسى على قلوبهم.

النّتيجةُ: أنّ إظهارَ الفرح والسّرور في اليومِ التاسع من ربيعِ الأوّل يعودُ إلى سببٍ آخر، وقد ذُكرَ في سبب الاحتفال بهذا اليوم أقوال عديدة، لكلٍّ منها دليل، والبحثُ في ترجيحِ أحدها يحتاجُ إلى بحثٍ مفصّلٍ يخرجُنا عن موضوعنا.

 

  • السيد زين العابدين الخليل
__________________________________________
نشرة الكفيل/نشرة أُسبوعيةٌ ثقافيةٌ (مجانية)، تتناولُ المعارفَ القُرآنيةَ، والعقائديةَ، والفِقهيةَ، والتاريخيةَ، والأخلاقيةَ، والتربويةَ، والاجتماعيةَ، والصحيةَ بأُسلوبٍ مبسّطٍ ومختصرٍ، تصدر عن العتبة العباسية المقدسة/ العدد 1036.

سسسسسسسسسسسسسسسسسسسس

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا