توافق الأحكام الشرعية مع الفطرة والعقل
2025/07/16
29

السؤال: إنَّ هناك حديثًا حول العديد من الأحكام الشرعية على أنّها مخالفةٌ لما أُشير إليه من المبادئ العامّة الفاضلة للتشريع في الدّين، ومن ذلك:

١- جملة من الأحكام التي تتضمن التفريق بين الذكر والأنثى في التشريع، إمّا بشكل عام كالفرق بينهما في الميراث، أوفي الستر والحجاب.

٢- جملة من الأحكام الجزائيّة على الجرائم، حيث تبدو قاسيةً وشديدةً مثل جزاء ارتكاب المُحصَن للفاحشة والسرقة والمحاربة وغيرها.

إلى غير ذلك من الأحكام الواردة في النصوص الشرعية أو فتاوى فقهاء المسلمين، من قبيل تجويز تزويج الولي للقاصر، فما هو مبنى هذه الأحكام؟ وكيف تنسجم مع مباني العدالة؟

الجواب: ينبغي الانتباه ابتداءً إلى أنَّ هذا الحديث لا يختص بدين الإسلام كما يعلمه المطّلعون على الأديان الأخرى، فكلُّ الأديان تقريبًا تشتمل على تشريعات وإرشادات، يتوجه في جملة منها التساؤل عن مدى تطابقها مع القيم الفطرية.

ويطرح التساؤل عن هذه الأحكام في الدين في سياقين:

السياق الأول: سياق التشكيك في أصل حقانيّة الدّين وصدقه، لأنّه لم يتحرّ العدالةَ في تشريعاته رغم تبنّي خطابه لها.

السياق الثاني: توفير فهم أوثق وأمثل للدّين يَسلم من أيّ شيءٍ يخالف الفطرة بشكل بيّن.

والواقع أنَّ التشكيك في حقانية الدّين من منطلق هذه الموارد أمر غير وارد، وذلك انطلاقًا من مبدأ بديهي من خلال النصوص الإسلامية -المتمثلة في القرآن الكريم- من أنَّ تحرّي القيم الفاضلة والعادلة يمثّل الدستورَ الأساسَ للدّين الممثّل لخُلُق الله سبحانه وصفاته الكريمة، كما يلحظ ذلك في جلّ المنظومة التشريعية الدينية، وهذا أمر يلمسه أي باحث متأمل في نصوص الدّين تأملًا جامعًا حتى إذا لم يكن مؤمنًا بالدين، فهو يجد أنَّ هذا الخطاب يسعى في تحرّي العدالة والقيم الأخلاقية في تشريعاته كما يجد أنّه قد خَطا خطواتٍ واسعةً في هذا السبيل، وغيّر كثيرًا من التشريعات السائدة في اتجاه العدالة.

وعليه فمن المستحيل أن يكون هناك شيء واضح من الدّين وهو في عين الحال مخالف لإدراك العقل الواضح بشكل عابر للزمان والمكان.

 

  • السيد محمد باقر السيستاني

__________________________________________
نشرة الكفيل/نشرة أُسبوعيةٌ ثقافيةٌ (مجانية)، تتناولُ المعارفَ القُرآنيةَ، والعقائديةَ، والفِقهيةَ، والتاريخيةَ، والأخلاقيةَ، والتربويةَ، والاجتماعيةَ، والصحيةَ بأُسلوبٍ مبسّطٍ ومختصرٍ، تصدر عن العتبة العباسية المقدسة/ العدد 1029.
تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا