تمرُّ على محبي آل البيت (عليهم السلام) ومواليهم مناسبات كثيرة، يبتهجون فيها فرحاً وسروراً، ومنها الولادات المباركة: وفي هذه الأيام تمرُّ علينا ذكرى طيبة.. هي ولادة السَّيِّدة الجليلة القدر فَاطِمَة المعصومة (عليها السلام) بنت الإمام الكاظم (عليه السلام).. وإحياءً لذكرها العطر نذكر لمحة من حياتها (عليها السلام) الاجتماعية:
ولادتها (عليها السلام) المباركة:
وُلِدت السَّيِّدة العلويَّة فَاطِمة المعصومة (عليها السلام) سليلة الطُّهر والعفاف في ذلك البيت الطَّاهر، وكانت الظروف التي ألـمّت بأهل البيت (عليهم السلام) آنذاك عصيبة جداً؛ لما كان يُمارس ضد آل البيت (عليهم السلام) من ظلمٍ وتعسُّفٍ من قِبل حُكَّام بني العبَّاس، إلى حدٍّ غاب فيها عن المؤرخين والرواة تسجيل أحداث ولادة هذه السيِّدة الجليلة وتأريخها، أو ذكر شيء مما يتعلق بها.
فاختلفوا في تحديد سنة ولادتها (عليها السلام)، وإنَّ مما جاء في المصادر التَّاريخية: أنَّ ولادتها (عليها السلام) كانت في غرة شهر ذي القعدة سنة (173هـ)، في مدينة جدّها رسول الله (صلى الله عليه وآله).
وقيل: إنَّ ولادتها (عليها السلام) بعد التأريخ المذكور أعلاه وقبل سنة (179هـ)، وهي السنة التي قُبض فيها على الإمام الكاظم (عليه السلام) وأُودع السجن، وهو الرأي الأرجح عند بعض العلماء الأجلاء، ووردت مدينة قم المقدَّسة في سنة (201هـ).
ألقابها:
وأشهر ألقابها (عليها السلام): (المعصومة)، واقترن هذا اللقب باسمها (عليها السلام)، ولهذا اللقب من الدلالة ما لا يخفى، فإنّه يدل على أنّ السيدة فاطمة (عليها السلام) قد بلغت من الكمال والنَّزاهة والفضل مرتبة شامخة.
ومنها: (كريمة أهل البيت (عليهم السلام)): فإنّ أهل البيت (عليهم السلام) قد جمعوا غرّ الفضائل والمناقب وجميل الصفات، ومن أبرز تلك الخصال (الكرم)، وقد عرفوه بأنّه إيثار الآخر بالخير، ولا تستعمله العرب إلّا في المحاسن الكثيرة، ولا يقال: (كريم) حتى يظهر منه ذلك، والكريم هو الجامع لأنواع الخير والشرف والفضائل.
ومن ألقابها الأخرى (عليه السلام): الطاهرة، الحميدة، البرة، الرشيدة، التقية، النقية، الرضية، المرضية، السيدة، أُخت الرضا (عليه السلام)، الصِّدِّيقة.
نشأتها (عليها السلام):
نشأت وعاشت السيدة المعصومة (عليها السلام) في كنف شقيقها الإمام الرِّضا (عليه السلام)، -فهي (عليها السلام) أخته لأُمِّه وأبيه (عليهم السلام)- فأولاها العناية الخاصة في تربيتها ورعايتها، وغدت تتلقى من أخيها العلم والحكمة في بيت العصمة والطهارة، فأصبحت ذات علم ورواية ومقام حتى غدت أفضل بنات الإمام الكاظم (عليهم السلام).
علو مقامها ورفعة درجتها:
أخذت هذه السِّيِّدةُ الجليلةُ العلمَ والمعرفةَ والفضائلَ والمناقبَ عن بيت العصمة، لا سيما عن معلِّمها الأول ومربّيها الإمام الرِّضا (عليه السلام)، حتى غدت ذات شأن عند الله تعالى كما جاء في زيارتها (عليها السلام)، وإنّ شفاعتها كفيلة بإدخال الشِّيعة بأجمعهم إلى الجنّة، كما تحدث بذلك جدها الإمام الصادق (عليه السلام)، فمع قلة المصادر التي تناولت حياة هذه السيِّدة الجليلة (عليها السلام)، إلَّا أنّ لدينا ما يكفي للكشف عن بلوغها مرتبة عالية في المقام الرَّفيع في العلم والمعرفة، قد بلغت من الكمال والنَّزاهة والفضل مرتَّبة شامخة.
قول المعصوم في حقِّها:
ورد في حق السَّيِّدة فاطمة المعصومة (عليها السلام) العديد من الأحاديث والأقوال الصَّادرة من أئمة أهل البيت (صلوات الله تعالى وسلامه عليهم)، ومنها قول أخيها الإمام الرّضا (عليه السلام)، إذ رُوي عنه أنّه قال: «مَن زارها فله الجنَّة» (كامل الزيارات: ص٥٣٦).
وروي عن ابن أخيها الإمام مُحَمَّد الجواد (عليه السلام) أنّه قال: «مَن زار قبرَ عمّتي بقُمّ فله الجنَّـةَ» (كامل الزيارات: ص٥٣٦).