رُوي عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) أنّه قال: «إِنَّ اَلرَّجُلَ يُذْنِبُ اَلذَّنْبَ فَيُحْرَمُ صَلاَةَ اَللَّيْلِ وإِنَّ العَمَلَ اَلسَّيِّئَ أَسْرَعُ فِي صَاحِبِهِ مِنَ اَلسِّكِّينِ فِي اَللَّحْمِ» (الكافي: ج٢/ص٢٧٢/ح16).
يكشف لنا الإمام (عليه السلام) عن واحدة من الحقائق العميقة، وهي العلاقة بين أفعال الإنسان وسلوكه من جهة، والموفقية للطاعات والعبادات من جهة أخرى.
الذنب ليس فعلاً منعزلاً ينتهي بانقضائه، بل هو سبب للحرمان من التوفيق للعبادة، وبخاصةٍ صلاة الليل، التي تُعدُّ من أسمى العبادات القُربِيّة. فكما أنّ الطاعة تجلب المزيد من الطاعة، فإنّ المعصية تجرُّ وراءها الحرمان والانقطاع عن الخيرات.
فالإنسان عندما يقع في الذنب يجد ثقلاً يمنعه من النهوض لصلاة الليل أو الإقبال على العبادة بخشوع، وكأنّ هذا الذنب صار حجاباً بينه وبين الله تعالى.
وهنا، ندعو ونردد: «إلهنا أَنْتَ المَدْعُوُّ لِلْمُهِمَّاتِ، وَأَنْتَ المَفزَعُ فِي المُلِمَّاتِ، لاَ يَنْدَفِعُ مِنْهَا إلّا مَا دَفَعْتَ، وَلا يَنْكَشِفُ مِنْهَا إلّا مَا كَشَفْتَ».
إذا كان الذنب سبباً في الحرمان من صلاة الليل، فإنّ التوبة والاستغفار هما الوسيلة لاستعادة التوفيق لها، فمن أراد أن يكون من أهل القيام، فعليه محاسبة نفسه باستمرار، وتطهير قلبه من الذنوب، والإلحاح على الله تعالى بالدعاء أن يرزقه القرب منه مجدداً.
ونقول: «أَصْبَحْتُ أَسْأَلُكَ العَفْوَ وَالعَافِيَةَ فِي دِينِي وَدُنْيَايَ وَآخِرَتِي».
يا ربنا، أجِرنا من الذنوب التي هي أخطاء تُسجَّل في صحيفة الأعمال، يُحرَم القلبُ من النور بسببها، وتمنع الجوارح من الطاعات. قد ينام الإنسان على ذنبٍ يراه صغيراً، لكنه يستيقظ وقد فَقَدَ لذةَ المناجاة، ووجد ثقلاً يمنعه من صلاة الليل، تلك الصلاة التي لا يُحرم منها إلّا مَن انطفأ نورُ قلبه.
إنّ هذا الحديثَ الشريف دعوةٌ صادقةٌ لمحاسبة النفس، واستدراك ما فات، فالله قريبٌ لمن طرق بابه، ورحمته أوسع من ذنوبنا، فطوبى لمن أسرع بالتوبة قبل أن يُحرَمَ التوفيق!
اللهم لا تحرمنا لذة الوقوف بين يديك في جوف الليل، ولا تحجبنا عن نور طاعتك بذنوبنا، إنّك أنت الغفور الرحيم.
السعيُ في أعمال البرّ ونفع النَّاس
حمزة بن عبد المطلب (عليه السلام) وشهادته