يحل شهر رمضان المبارك على المؤمنين
ضيفاً كريماً يحمل معه البشائر والنفحات الربانية، فهو شهر الرحمة
والمغفرة والعتق من النار، وهو فرصة عظيمة لمن أراد أن يجدد علاقته
بالله تعالى ويصحح مساره في الحياة.. فقد جعله الله محطة إيمانية
يتزود فيها العبد بالتقوى، ويغتنم أوقاته بالطاعات، إذ قال تعالى:
﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا
كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾
(البقرة: 183)، فالصيام ليس مجرد امتناع عن الطعام والشراب، بل هو
تربية للنفس، وتهذيب للأخلاق، وإعداد للروح كي تسمو في مدارج الطاعة
والقرب من الله سبحانه. في هذا الشهر تتجلى بشائر الخير
للمؤمنين، فالأجر فيه مضاعف، والأبواب مفتوحة لكلِّ تائب ومستغفر،
والرحمة تتنزل على القلوب الساعية إلى الطاعة، وقد روي عن النبي
الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله) أنّه قال: «إذا استَهَلَّ شهرُ
رمضانَ غُلِّقت أبوابُ النارِ، وفُتحت له أبوابُ الجنةِ، وصُفِّدت
الشياطينُ» فضائل الأشهر الثلاثة، للشيخ الصدوق (رحمه الله): ص١٤٢)،
وهذا يدل على عظمة الشهر ومكانته، فهو ميدان السباق إلى الخيرات، حيث
تكثر فيه النفحات الإيمانية التي تعين المسلم على مجاهدة نفسه
والابتعاد عن المعاصي، وهو فرصة لتجديد العهد مع الله، وتصحيح
الأخطاء، واستغلال أوقاته في الذكر والعبادة. ومن البشائر العظيمة في شهر رمضان أن
الله سبحانه جعله شهر نزول القرآن، فبهذه الليالي المباركة أكرم اللهُ
البشريةَ بالنور والهداية، إذ قال تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ
فِيهِ القُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الهُدَى
وَالفُرْقَانِ﴾ (البقرة: 185)، ولذلك كان ارتباط المسلمين بالقرآن في
هذا الشهر ارتباطاً وثيقاً، إذ يجتهدون في قراءته وتدبر آياته والعمل
بتعاليمه، فهو غذاء للروح، وسبب لانشراح الصدر، ودليل لطريق
الحق. هو شهر الجود والإحسان، حيث تنمو في
القلوب مشاعر الرحمة والتكافل، وتنتشر فيه مظاهر العطاء، فتجد
الصائمين يتسابقون في تقديم الخير، ويتلمسون حاجات الفقراء والمساكين،
ويحرصون على إدخال السرور إلى قلوب المحتاجين. ولعل من أعظم بشائر هذا الشهر هي
(ليلة القدر)، التي جعلها الله خيراً من ألف شهر، ليلة تتنزل فيها
الملائكة، وتمتلئ بالسكون والطمأنينة، وقد وعد الله سبحانه مَن أقامها
إيماناً واحتساباً بالمغفرة والقبول، وهي ليلة يترقبها المؤمنون بشوق،
يرجون فيها رحمة الله، ويستغفرونه من ذنوبهم، ويسألونه الخير في
الدنيا والآخرة.
✍️ زهراء محمد مهدي
__________________________________________
نشرة الكفيل/نشرة أُسبوعيةٌ ثقافيةٌ
(مجانية)، تتناولُ المعارفَ القُرآنيةَ، والعقائديةَ، والفِقهيةَ،
والتاريخيةَ، والأخلاقيةَ، والتربويةَ، والاجتماعيةَ، والصحيةَ
بأُسلوبٍ مبسّطٍ ومختصرٍ، تصدر عن العتبة العباسية المقدسة/ العدد
1010.
تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري
تحدث معنا