إتقان العمل من الأمور التي حثّ
الدين الإسلاميّ عليه، وأُمر العامل بأن يتحرى الدقّة والإتقان في
عمله، ومن لم يقم بعمله على الوجه الذي طلبه صاحب العمل اعتبره
الدين غاشاً في عمله، ولم يستحق الأجر المدفوع له، قال رسول الله
"عليه الصلاة والسلام": (إنَّ اللهَ تعالى يُحِبُّ إذا عمِلَ
أحدُكمْ عملًا أنْ يُتقِنَهُ).
معنى كلمة إتقان هو الفعل الذي يصدر
من الإنسان أثناء قيامه بعمله، حتى يتسنّى له اكتساب الخبرات
والمهارات اللازمة لإنهاء العمل الذي يقوم به، بهدف خدمة مُجتمعه
الذي يعيش فيه.
إتقان العمل: القيام بالعمل المراد إنجازه، والانتهاء منه بأفضل صورة وعلى أتمّ وجه، ويكون ذلك ببذل الجهد، والبعد عن التراخي في العمل. لفظ إتقان هو مصدر لكلمة أتقن، أي بمعنى أنجز العمل بإحكام وبمُنتهى الدقّة.إتقان العمل في الإسلام.
يَعد الإسلام إتقان العملَ وسيلةً من وسائل المسلم للرزق الحلال، بل إنّه عبادة خالصة؛ فالدين الإسلامي يدعو المسلم إلى العمل والانطلاق، وعدم الفتور والكسل، فعلى المسلم أن يكون إنساناً إيجابيّاً ينطلق في هذه الدنيا نشيطاً طالباً الرزق من الله وما يُعدّه له من الخير الكثير، وهذا الخير لا يأتيه إلا بالعمل المُتواصل، وأن يستشعر المسلم مُراقبة الله تعالى في كل خطوة يخطوها في عمله، وأن يُؤدّي العمل الذي بين يديه على أتمّ وجه وأحسن حال، فالعمل في الدين الإسلامي عبادة، وقد أخبر بذلك الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم، وذكره رسوله" صلى الله عليه وآله " - بكل أنواعه ومختلف مجالاته المباحة، وهذه العبادة يؤجر عليها المسلم إنْ قام بها وأدّاها بحقّها، وأخلص في عمله بكل ما آتاه الله من قوّة وعزيمة صادقة.
وهنا نتسائل ما هي فوائد اتقان العمل فردياً واجتماعياً ودينياً؟
أختي الفاضلة إن
إتقان العملِ في الإسلام فريضة على
المسلم، ذلك أن أي عملَ يقوم به المسلم في الحياة الدنيا مهما صَغُر
واستهان به الفرد كان عبادةً وجهاداً له إذا صحّت فيه النية وكانت
خالصةً لله سبحانه، وكذا في العمل إن قدّمَ عمله بإتقانٍ وأمانة؛
فالإنسانُ خُلق وكُلِّف بعبادة الله عزّ وجل على أكمل
وجه،
وهو أيضاً مكلّف بواجبات
عديدة ومختلفة يؤدّيها بأمانة وإخلاصٍ تجاهَ أسرته ومُجتمعهِ
والمكان الذي يعيش فيه، فعليه تقديم يد العون ومساعدة الآخرين في
قضاء حوائجهم، والعمل على تسهيلِ أمور حياتهم، كما عليه إتقان العمل
الذي يقوم به؛ فالإنسان ما خلقه الله عز وجل إلا ليعمل ويعمّر
الأرضَ،
قال تعالى: (هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ
الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا).
فلا يكفي من الإنسانِ ولا يرضى منه
عزّ وجلّ عبادته فقط، بل وجب عليهِ العمل بجدٍ واجتهاد وهمّة عالية،
وعليه إتقان ما قدّمه من عمل لينال التوفيق والنجاح في الدنيا،
والأجر والثواب في الآخرة من اللهِ سبحانهُ قال رسول الله
(صلى الله عليه وآله): (إنَّ اللهَ تعالى يُحِبُّ إذا عمِلَ أحدُكمْ
عملًا أنْ يُتقِنَهُ)
وقال تعالى: (وَقُلِ
اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ
وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ
وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) وفي
الآية دليل واضح في الحث على إتقان العمل، وأنّ الله سبحانه سيُخبر
كلّ فرد يوم القيامة بالعمل الذي قام به، ومقدار ما ناله من أجر
وثواب على عمله.
وردت في السنّة النبويّة أحاديث كثيرة تحثّ المسلم على إتقان العمل وتشجعه على ذلك، منها قال رسول الله " صلى الله عليه وآله": (كُلُّكُم راعٍ وكُلُّكُم مسؤول عن رعيته) دلالة هذا الحديث السابق أن إتقان العمل واجب شرعي على كل موظف وعامل مهما كانت وظيفته؛ فالحاكمُ أو السلطان عليه إتقان عملهِ، والأب في أسرته مسؤول عن بيته ورعاية أبنائه رعاية سليمة، وكذا الزوجةُ راعية في مال زوجها، وعليها المحافظة على الأمانة التي كلّفت بحملها، وإتقان العمل في تربية أبنائها تربية سليمة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: برنامج قيم لا تموت
- الحلقة الرابعة- الدورة البرامجية59.