التكتم على ميلاد الإمام المهدي المنتظر (عجّل اللهُ فرَجَه)

2025/02/15

116
التكتم على ميلاد الإمام المهدي
المنتظر (عجّل اللهُ فرَجَه)
هناك شبه إجماع وثائقي على أنّ ولادة
الإمام المهدي المنتظر (عليه السلام): كان فجر يوم الجمعة، الخامس عشر
من شعبان المعظم، سنة خمس وخمسين ومائتين من الهجرة
المباركة.
المهدي (عجّل اللهُ
فرَجَه):
هو الإمام أبو القاسم، محمد المهدي
ابن الإمام الحسن العسكري ابن الإمام علي الهادي ابن الإمام محمد
الجواد ابن الإمام علي الرضا ابن الإمام موسى الكاظم ابن الإمام جعفر
الصادق ابن الإمام محمد الباقر ابن الإمام علي السجاد ابن الإمام
الحسين ابن الإمام علي بن أبي طالب (عليهم السلام).
وكان زواج أبيه الإمام الحسن العسكري
(عليه السلام) قد جرى بسرية تامة، إلا عند القلائل، ثم خفاء أمر أُمه
به، ثم التكتُّم على اسم الأُم بالذات حذر قبض السلطة عليها، أو
ممارسة الضغط عليها للإخبار عن ولدها، فهي السيدة نرجس (عليها السلام)
في أشهر الروايات، وهي (صقيل) في سواها، وهي (سوسن) في غيرها، وهي
(ريحانة) عند آخرين.
وجاء الاختلاف في الاسم مقصوداً إليه
فيما يبدو، لئلا يُكتشف أمر والدته على التعيين من بين إماء الحسن
العسكري (عليه السلام).
يضاف إلى هذا التكتُّم على ولادة
الإمام داخلياً؛ إذ لم تحضرها إلا عمة الإمام العسكري (عليه السلام)
السيدة حكيمة بنت الإمام الجواد (عليهما السلام)، التي طلب منها
الإمام العسكري (عليه السلام) أن تحضر في داره؛ لقرب موعد ميلاد ولي
الله (عليه السلام)، لتتولى من شؤون والدته ما تتولاه النساء من
النساء حين الولادة، فحدثت الولادة عند الفجر، فأخذت السيدة حكيمة
(عليها السلام) الوليد المبارك بعد أن لفّته في ثوب، وحملته إلى
الإمام العسكري (عليه السلام).
فتناوله الإمام (عليه السلام).. وأذّن
في أُذنه اليمنى، وأقام في اليسرى، وعقّ عنه بكبشين، ثم أمر (عليه
السلام) بتوزيع الخبز الكثير الوافي على الفقراء والطعام على المساكين
والأولياء بما تداولته المصادر كثرة ووفرة.
وكان التكتم على نبأ الميلاد الميمون
جارياً إلا عن الصفوة وعِلِّيّة الأصحاب والأقارب؛ حفاظاً عليه من
السلطان، وحرصاً على سلامته من الظالمين، وذلك لصعوبة ذلك الزمان،
وشدة طلب السلطان، واجتهاد طواغيت العصر في البحث عنه.
وذلك لعلم السلطة اليقيني أنّ هذا
الوليد هو المنتظر لإقامة دولة العدل الإلهي، وذلك ما يقلقهم ويفزعهم،
وقد تلقوا ذلك عن مصادرهم من آبائهم، وأنّه هو الذي يملأ الأرض قسطاً
وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً.
لذلك كان تعقب أجهزة الدولة العباسية
لجواري الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) جارياً على أشده عند
وفاته، وقبضها على بعضهن، وإيداعها المعتقل لشبهة الحمل، تغطيةً منها
على ولادة الإمام المهدي (عليه السلام).
وكان لخفاء وجود الإمام المهدي (عجّل
اللهُ فرَجَه) العلني، ولاختفائه عن الأنظار، والتعمية على مكانه
وحِلِّه وترحاله، إلا من قبل الصفوة المختارة من النواب والوكلاء
والأُمناء على دين الله، مثار اضطراب وارتباك للسلطة والنظام
العباسي.
وكانت السلطة متناقضة في تحركها
الإعلامي ضد الإمام المهدي (عليه السلام)، فبينا هي تكذِّب خبر ميلاده
وتنكر وجوده، وإذا بها تكبس دار أبيه للتفتيش عنه، وبينا هي تتبنى
حملة التشكيك به، وإذا بها تبحث عنه بشتى المسالك، وبينا هي تدعم كلّ
الأصوات المعلنة تكذيب أمره جملة وتفصيلاً، وإذا بها تعتقد اعتقاداً
جازماً بوجوده وميلاده وحياته، وتتعقبه تحت كلِّ حجر ومدر إطفاءً لنار
حقدها، وإرضاء لعوامل سخطها، ومداراة لهواجس تخوفها، وإشباعاً لرغبة
القضاء على ذكر أهل البيت (عليهم السلام).
ومما عمدت إليه السلطة أن أيدت -إلى
حين- دعوى جعفر الكذاب خلافة أخيه الحسن العسكري (عليه السلام) في
الإمامة، وافتراءه بادِّعاء الولاية الإلهية، إلا أنّ الإمامية رفضوا
هذه الدعوى وسخروا منها، لمعرفتهم الحقيقة بمداخلات جعفر هذا في اللهو
والعبث ومجانبة خط الأئمة (عليهم السلام) ولم يحظ من العلم بطائل،
وليس له ما يؤهله للقيادة إطلاقاً.
✍️ د. محمد حسين علي الصغير (رحمه
الله)
__________________________________________
نشرة الكفيل / نشرة أُسبوعيةٌ ثقافيةٌ
(مجانية)، تتناولُ المعارفَ القُرآنيةَ، والعقائديةَ، والفِقهيةَ،
والتاريخيةَ، والأخلاقيةَ، والتربويةَ، والاجتماعيةَ، والصحيةَ
بأُسلوبٍ مبسّطٍ ومختصرٍ، تصدر عن العتبة العباسية المقدسة/ العدد
1008.