اقلام على خطى الزهراء(عليها السلام)
السيدة فاطمة الزهراء
(عليها السلام): مشعل الحق في ظلمات الظلم
✍️ زينب مهدي جابر عزيز
تُحيي الأمة الإسلامية ذكرى استشهاد
السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام) كل عام بقلوب مفعمة بالحزن
والولاء، إذ تمثل حياتها شهادة خالدة على معاني الإيمان، التضحية،
والوقوف في وجه الظلم مهما كانت التحديات. إن قراءة سيرة الزهراء
(عليها السلام) لا تقتصر على استذكار الماضي، بل تتجدد كرسالة نور
تحمل أبعاداً اجتماعية، سياسية وروحية. في هذه المقالة، نستعرض
التأثير العميق للسيدة الزهراء (عليها السلام) على مسار التاريخ
الإسلامي، وكيف كانت مواقفها المستوحاة من روح الإسلام النقي مشعلاً
أضاء الطريق للأمة الإسلامية في أحلك لحظاتها.
السيدة الزهراء (عليها السلام) ركن
الرسالة المحمدية
لم تكن السيدة الزهراء مجرد ابنة
النبي محمد (صلى الله عليه وآله)، بل كانت الامتداد الطبيعي
لرسالته. يقول النبي (صلى الله عليه وآله): “فاطمة بضعة مني، فمن
أغضبها أغضبني”، وهو تصريح واضح عن مكانتها الروحية والعملية في
الإسلام. لقد حملت الزهراء هموم الرسالة وحفظت جوهرها، فكانت صوت
الحق عندما صمتت الأصوات، وسلاح الدفاع عن العدالة عندما تخلّى
الكثير عن مسؤولياتهم.
خطبتها الفدكية: وثيقة خالدة
للحق
بعد وفاة النبي (صلى الله عليه
وآله)، خرجت الزهراء إلى المسجد وألقت خطبتها الفدكية الشهيرة، التي
كانت بمثابة دستور إسلامي يحذّر الأمة من الانحراف السياسي
والاجتماعي.
تحليل الخطبة:
أوضحت الزهراء مفهوم الإمامة
كاستمرار طبيعي للنبوة. دافعت عن حقها في فدك، ليس كأرض مادية، بل
كرمز لاستعادة الحق المسلوب وإظهار مظلومية أهل البيت (عليهم
السلام).
حذرت من التبعات المستقبلية
للابتعاد عن نهج أهل البيت، وهو ما انعكس لاحقاً في أحداث
الأمة.
الزهراء (عليها السلام): ثورة الصبر
والمقاومة
لم يكن صبر السيدة الزهراء (عليها
السلام) خنوعاً أو استسلاماً، بل كان مقاومة صامتة تحمل في طياتها
رسالة قوية.
مواقفها العملية:
1. الوقوف بجانب الإمام علي (عليه
السلام): كانت سنداً قوياً للإمام علي (عليه السلام)، حيث استمرت في
دعمه رغم الظروف الصعبة التي عاشتها الأمة.
2. دفاعها عن الإسلام الحقيقي: قدمت
السيدة الزهراء مثالاً للمرأة المسلمة التي ترفض الظلم. عندما
أُحرقت دارها وضُغط على بابها، قدمت حياتها دفاعاً عن الرسالة
والحق.
3. وصيتها الأخيرة: طلبت أن تُدفن
ليلاً وفي سرية تامة، في موقف يحمل رسالة احتجاج تاريخية ضد الظلم
الذي تعرضت له وأهل بيتها.
دورها الاجتماعي: مدرسة الأجيال في
بيتها
بيت الزهراء (عليها السلام) كان
نموذجاً للبيت الإسلامي المثالي. فقد زرعت في أبنائها القيم العظيمة
التي حملوها لاحقاً إلى العالم، بدءاً من الإمام الحسن والإمام
الحسين (عليهما السلام) وصولاً إلى السيدة زينب (عليها السلام)،
الذين كانوا أعمدة ثورة كربلاء.
في المجتمع:
رغم قصر عمرها الشريف، كانت الزهراء
ناشطة في توعية نساء مجتمعها، داعية إلى العدل، ومبينة مكانة المرأة
المسلمة الحقيقية.
البعد العقائدي لشخصية الزهراء
(عليها السلام)
تمثل الزهراء (عليها السلام) الركن
الأساسي في عقيدة الإمامة عند المسلمين الشيعة.
حديث الكساء:
يضعها ضمن أصحاب الكساء الخمسة، مما
يبرز دورها العقائدي كجزء من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس
وطهرهم تطهيراً.
الشفاعة:
تعدّ السيدة الزهراء رمزاً للشفاعة
الكبرى، حيث يشير التراث الإسلامي إلى أن شفاعتها تشمل الملايين من
أتباع الحق يوم القيامة.
الزهراء (عليها السلام) رمز عالمي
للمرأة المسلمة
السيدة الزهراء ليست فقط قدوة
للنساء المسلمات، بل للعالم أجمع. فقد أثبتت أن المرأة تستطيع أن
تكون شريكة فاعلة في بناء المجتمع، مقاومةً للظلم، ومربيةً للأجيال
الصالحة.
رسائل معاصرة:
1. العدالة الاجتماعية: دعوة
الزهراء للعدالة مستمرة، وهي رسالة لكل من يسعى لإصلاح
المجتمع.
2. الكرامة الإنسانية: أكدت في
مواقفها أن الكرامة لا تُباع ولا تُشترى، بل تُدافع عنها مهما كانت
التضحيات.
خاتمة: السيدة الزهراء (عليها
السلام) شمس لا تغيب
ذكرى استشهاد السيدة فاطمة الزهراء
(عليها السلام) ليست مجرد مناسبة حزينة، بل هي دعوة لتجديد الولاء
للحق والعدل. إن مواقفها البطولية، تضحياتها، وخطابها النبوي تجعلها
نبراساً لكل من يبحث عن الحرية والعدالة في العالم. فلنستلهم من
سيرتها القوة، ولنقف دائماً مع الحق، مقتدين بمواقفها الشجاعة
لنُبقي شعلة الإسلام متقدة في وجه الظلم والفساد. “السلام على فاطمة
الزهراء يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حياً.”
الزهراء (عليها السلام) أُسوة وقدوة