ورد عن الإمام الباقر (عليه السلام)
أنّه قال: «إنّ سمرة بن جندب كان له عذقٌ -أي نخلةٌ بحملها- في حائط
رجلٍ من الأنصار، وكان منزل الأنصاري بباب البستان، وكان يمرّ به إلى
نخلته ولا يستأذن، فكلّمه الأنصاري أن يستأذن إذا جاء، فأبى سمرة،
فلمّا تأبّى، جاء الأنصاري إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله)، فشكا
إليه، وخبّره الخبر، فأرسل إليه رسول الله (صلى الله عليه وآله)
وخبّره بقول الأنصاري وما شكا. وقال: إن أردت الدخول فاستأذِن، فأبى،
فلمّا أبى ساومه حتّى بلغ به من الثمن ما شاء الله، فأبى أن
يبيع. فقال (صلى الله عليه وآله): لك بها
عذقٌ يُمدّ لك في الجنّة. فأبى أن يقبل. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله)
للأنصاري: اذهب فاقلعها، وارمِ بها إليه، فإنّه لا ضرر ولا ضرار»
(الكافي: ج٥/ص٢٩٢/ح٢). فتلاحظ أنّه لم يكن الموضع موضع لين
مع ظلم سمرة للأنصاري، وإصراره على الظلم، ولجاجه على عدم الاستئذان،
وعناده مع الرسول (صلى الله عليه وآله) حتّى مع نخلة
الجنّة. لذلك لم يلِن معه رسول الله (صلى الله
عليه وآله)، بل أمر بقلع النخلة، ورميها إليه، دفعاً للضرر عن
المؤمنين، علماً أنّ سمرة ممّن لم يخفَ خبثه ونفاقه، وهو الذي بذل له
معاوية أربعمائة درهم فروى كذباً أنّ قوله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ
قَوْلُهُ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي
قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الخِصَامِ﴾ نزلت في عليٍّ (عليه السلام)،
وأنّ قوله تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ
مَرْضَاتِ الله وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالعِبَادِ﴾ نزلت في ابن
ملجم. وهو الذي روى عنه ابن أبي الحديد أنّه
كان في أيّام مسير الإمام الحسين (عليه السلام) إلى الكوفة على شرطة
ابن زياد، وكان يُحرِّض الناس على الخروج إلى قتال الإمام الحسين
(عليه السلام). وهو الذي قال فيه ابن سيرين إنّه قتل
في مدّة غياب زياد بن أبيه عن البصرة ثمانية آلاف، فقال له زياد: أما
تخاف أن تكون قتلت بريئاً؟ فقال: لو قَتلتُ معهم مثلهم ما
خشيت.. وعلى الجملة فاللّين مع الثُلّة
المؤمنة -لا مع مثل هذه الفرقة المنافقة- يعدُّ من مكارم الأخلاق
وعوالي الصفات، وهذه الصفة الشريفة وإن كان تحصيلها صعباً، لكن تسهل
بعد الممارسة والتمرين، فيحصل لين العريكة للإنسان في أقواله وأفعاله،
وفي جميع أدوار حياته، ومع جميع معاشريه، بالطلب من الله تعالى،
والاستشفاع بأهل البيت (عليهم السلام)، وحتماً تحتاج هذه الصفة إلى
الطلب والعمل.
✍️ (انظر: أخلاق أهل البيت (عليهم
السلام)، السيد علي الحسيني: ص155)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ نشرة الخميس/ نشرة أُسبوعيةٌ ثقافيةٌ
(مجانية) تصدر عن العتبة العباسية المقدسة/ العدد 1012.
تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري
تحدث معنا