وهم الكمال
2024/11/05
96
وهم الكمال

في خضم التغيرات الاجتماعية المتسارعة، إذ باتت الفردية المطلقة شعاراً لكثيرين، يُطرح السؤال: هل يمكن للإنسان أن يبلغ الكمال بمفرده؟

البعض يوهم نفسه بأنّه قادر على الوصول إلى الكمال بعيداً عن أيِّ شريك ودون أيِّ مساندة، لكن دعونا لا نخدع أنفسنا، فالحقيقة التي لا تقبل الجدل واضحة في كتاب الله عزّ وجلّ، فلنتوقف هنا ونسأل: هل الأنبياء، بأسمى مكانتهم، استطاعوا تحقيق الكمال دون مساندة؟

سنجد الجواب جلياً في قصة النبي موسى (عليه السلام)؛ إذ طلب من الله سبحانه وتعالى أن يشد عضده بأخيه هارون: ﴿وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي* هارون أخي* أشدُد بهِ أزْرِي..﴾ (طه: 29-31)، هذا طلب صريح من نبي عظيم؛ لأنّه أدرك أنّ المساندة هي الطريق إلى الإنجاز والكمال، فكيف لمن هم دون الأنبياء أن يتوهموا إمكانية الوصول إلى الكمال من غير مساندة أو شريك؟

ثُمّ ننتقل إلى الفطرة السليمة التي غرسها الله سبحانه وتعالى فينا وهي الزواج، فالزواج ليس مجرد علاقة اجتماعية فقط، بل هو أساس للسكينة والاستقرار النفسي، فالله سبحانه وتعالى قال بوضوح: ﴿لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ (الروم: 21).

لكن، للأسف، البعض يرى أنّ هذه الروابط تعوقه عن تحقيق ذاته، فيتمرد على فطرته، ليتسبب في تفكك الأسرة، وبالتالي انهيار المجتمع.

وإن كنّا نريد أن نكون صادقين مع أنفسنا، فلنعترف: لا يمكن للإنسان أن يبلغ الكمال في عزلة، الكمال يتحقق بالتكامل، والتكامل يتحقق بالزواج والشراكة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرة الخميس/ نشرة أُسبوعيةٌ ثقافيةٌ (مجانية) تصدر عن العتبة العباسية المقدسة/ العدد1008.

✍️ أفياء الحسيني
تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا