الثقافة الحسينية والتمسّك بالقيم والأخلاق

تمثل الثقافة الحسينية جزءاً مهماً من التراث الإسلامي بشكل عام والشيعي بشكل خاص، إذ تتعلّق بشخصية الإمام الحسين (عليه السلام) وآخر أصحاب الكساء، ومعركته الخالدة ونهضته ضد الطغمة الظالمة والسلطة الحاكمة الفاسدة، حيث تكتسب هذه الثقافة أهمية خاصة بسبب ما تحمله من معانٍ دينية وإنسانية وأخلاقية عميقة.
إذ كانت الأمة الإسلامية في ذلك الوقت، تشهد تحوّلات سياسية ودينية كبيرة، بعد أن وصلت السلطة إلى يد يزيد بن معاوية، الذي تولّى الحكم بطريقة غير شرعية ومخالفة لتعاليم الإسلام، مع ما يتّصف من صفات لا تؤهله أن يكون مسلماً فضلاً عن أن يكون حاكماً متسلّطاً على رقاب المسلمين.. لذلك لا بد من حدوث صعقة تُرجع الأمة إلى وعيها، فكانت كربلاء!
تعتبر معركة كربلاء العظيمة الحدث المركزي الأهم في الثقافة الحسينية؛ ففي هذه المعركة واجه الإمام الحسين (عليه السلام) مع الثلّة المخلصة من أهل بيته وأصحابه الأجلّاء (عليهم السلام) الجيش الأموي العرمرم، وانتهت المعركة باستشهاد الإمام الحسين (عليه السلام) وغالبية أفراد عائلته الشريفة وأصحابه النبلاء، وأسر من تبقّى من نسائه وأطفاله!
إن الثقافة الحسينية مليئة بالدروس والقيم التي تعتبر نموذجاً للأخلاق والشجاعة والتضحية من أجل إبطال الباطل وإحقاق الحق، عندما رفض الإمام الحسين (عليه السلام) البيعة ليزيد؛ لأنه رأى في حكمه انحرافاً عن تعاليم الإسلام، ورفضاً لكل القيم والمبادئ التي جاء بها النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله)، وهذه الوقفة الشجاعة في وجه الطاغية -التي كان لا بد منها، حتى لا يستشري الفساد والظلم- قد أصبحت رمزاً لرفض الباطل ومقارعة الظلم والفساد.
وتبعاً لذلك، تتنوّع الممارسات الثقافية الحسينية وتتجدّد في كل عام عند دخول شهر محرم الحرام؛ مشتملة على المجالس الحسينية، ومواكب العزاء، وإقامة المؤتمرات والندوات والبحوث، وإلقاء المحاضرات والدروس الدينية التي تركّز على سيرة الإمام الحسين (عليه السلام) وأهداف نهضته التي ضحّى من أجلها.. ولعلّ من أبرز تلك الممارسات هي انطلاق المواكب الحسينية في كل قطعة أرض محبّة للإمام الحسين (عليه السلام) ومؤمنة بقضيته، إحياءً لذكراه الشريفة وكجزء من التعبير عن الحزن والتضامن مع قضية الإمام الحسين (عليه السلام) ونهضته المباركة، وتعزيزاً للهوية الدينية والثقافية، وتعتبر فرصة لتجديد العهد بالتمسك بالقيم الإنسانية والمبادئ الدينية والأخلاقية التي نادى بها الإمام (عليه السلام)؛ ولهذا تسمع نداء (لبيك يا حسين).. مما يجعل الثقافة الحسينية جزءاً حيوياً من حياة الكثير من المسلمين وخاصة الشيعة منهم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرة الخميس/ نشرة أُسبوعيةٌ ثقافيةٌ (مجانية) تصدر عن العتبة العباسية المقدسة/ العدد 971.