ابكِ الحسين (عليه السلام)
2024/07/16
44

ابكِ الحسين (عليه السلام)
 
رُوي عن إمامنا الرضا علي بن موسى (عليه السلام) أنه قال لابن شبيب: «يَا ابْنَ شَبِيبٍ، إِنْ كُنْتَ بَاكِياً لشيءٍ فَابْكِ لِلْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ (عليه السلام)؛ فَإِنَّهُ ذُبِحَ كَمَا يُذْبَحُ الْكَبْشُ، وَقُتِلَ مَعَهُ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ ثَمَانِيَةَ عَشَرَ رَجُلاً مَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ شَبِيهٌ، وَلَقَدْ بَكَتِ السَّمَاوَاتُ السبعُ وَالْأَرَضُونَ لِقَتْلِهِ، وَلَقَدْ نَزَلَ إِلَى الْأَرْضِ مِنَ الْمَلَائِكَةِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ لِنصره فَوَجَدُوهُ قَدْ قُتِلَ، فَهُمْ عِنْدَ قَبْرِهِ شُعْثٌ غُبْرٌ إِلَى أَنْ يَقُومَ الْقَائِمُ، فَيَكُونُونَ مِنْ أَنْصَارِهِ، وَشِعَارُهُمْ: يَا لَثَارَاتِ الْحُسَيْنِ» (الأمالي، للشيخ الصدوق (رحمه الله): ص١٩٢).
 
تحتل فاجعة كربلاء مساحة كبيرة من وجود الإمام الرضا (عليه السلام)، حيث يبث آلامه وحزنه وبكاءه إلى أحد أصحابه، ويتعمق في شرحه لجوهر يوم عاشوراء، يوم كان كالشفق الأحمر يلف السماء والأرض بحزنه، فيقدم الإمام (عليه السلام) ثقافة العزاء، داعياً الموالين للتعبير عن آلامهم وغصة قلوبهم في حرقة ووجع في أيام الحزن والعزاء على سيد الشهداء (عليه السلام)، حيث يغشى السواد أرجاء العالم، معلناً حالة الحداد الكونية.
 
يوم عاشوراء ليس مجرد ذكرى تاريخية، بل هو تجسيد للمفاصل الإيمانية وقيم الإسلام العظمى، حيث يستحضر الإمام (عليه السلام) الفضل العميم والأجر العظيم المنتظر لمن صدح بحزنه وجزعه على الحسين وعائلته (عليهم السلام)، إذ يشير الإمام (عليه السلام) إلى أن ذلك اليوم له صدى في السماء والأرض، وله وقع خاص على قلوب المؤمنين.
 
ويتحول العزاء إلى ملحمة روحية عندما نستحضر حشود الملائكة التي نزلت لنصرة الإمام الحسين (عليه السلام)، لتجده قد نال الشهادة، تلك الملائكة ترابط بجانب قبره الشريف، تنتظر قائم أهل البيت (عجل الله فرجه) لتكون في صفه، صادحة بكلمات تطغى على كل مقاييس الوجود: "يا لَثارات الحسين".
 
ويعلّمنا الإمام الرضا (عليه السلام) كيف يتجلى الحزن والثبات في الفكر واللسان بقوله: "يا لثارات الحسين"، هذا النداء القلبي الذي لا تحيط به السماوات والأرض، ولكن يحيط ويسع القلوب الموالية، وتعبر عن عميق ارتباط بنهضته وتضحياته.
 
ومن أعمق مواقف الحديث، تلك العبارة التي تختزل الأحزان، وتبعث على البكاء، وتصور المصاب الجلل، حين يقول الإمام (عليه السلام): "فإنه ذُبح كما يُذبح الكبشُ"، كلمات توقظ في النفوس مشاعر العطف والتضامن مع مصاب أهل البيت (عليهم السلام) وتجدد العهد بأن تبقى ذكرى عاشوراء خالدة، ومظلومية الإمام الحسين (عليه السلام) راسخة في القلوب.

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرة الكفيل نشرة أُسبوعيةٌ ثقافيةٌ (مجانية) تصدر عن العتبة العباسية المقدسة/ العدد 976.
 الشيخ حسين التميمي 

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا