الأمة بين جبل أُحُد ويوم الغدير
2024/06/27
173

عبر التاريخ الإسلامي، يبرز يوم الغدير كحدث فاصل وحجر زاوية في تاريخ الأمة الإسلامية، ففي اليوم الثامن عشر من شهر ذي الحجة الحرام من العام العاشر للهجرة، شهدت أرض غدير خم بالقرب من الجُحفة تنصيب الإمام علي (عليه السلام) أميراً للمؤمنين، وذلك عن طريق إعلان نبوي رفيع بأمر من الله سبحانه، وكان ذلك أمام أعين الأمة، يومٌ ذو مغزى عظيم وُصِف بالعيد لآل محمد (عليهم السلام)، واعتُبر أعظم الأعياد الإسلامية؛ لما يحمله من معنى لاستمرار الرسالة وختمها.

وعند المقارنة بيوم أُحُد، نجد تشابهاً في الإطار العام للمواقف التي مرت بها الأمة، ففي معركة أُحُد، خالف بعض المسلمين أمر النبي (صلى الله عليه وآله) بترك مواقعهم، ما أدى إلى خسائر فادحة في صفوف المسلمين، وفي يوم الغدير، كان الأمر الإلهي واضحاً بتنصيب الإمام علي (عليه السلام)، وقدم النبي (صلى الله عليه وآله) ذلك بوضوح تام، مستشهداً بالوحي الذي لا يأتي من هوىً نفسيِّ: ﴿وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى، إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ (النجم: 3-4)، وجرت مبايعة الإمام علي (عليه السلام) أمام أعين الأمة، وبايعه واحد تلو الآخر وهم يقولون: (بَخٍ بَخٍ لك يا علي...) (سليم بن قيس: 1/156).

وكما تخلَّى بعض المسلمين عن أمر النبي (صلى الله عليه وآله) في أُحُد، تخلَّى البعض عن تنفيذ أمر الغدير؛ حيث لم يُراعَ الالتزام بهذا التنصيب في تولّي أمور المسلمين. وبهذا، نلمس كيف أثّر تجاهل الأوامر الإلهية والنبوية مرتين؛ مرة في ساحة القتال، ومرة في ساحة القيادة، على مصير الأمة.

ما حدث عقب يوم الغدير، من بُعد عن منهج الإمام علي (عليه السلام)، يُشبه إلى حدّ كبير النتائج المُفجعة التي ترتبت على ترك جبل أُحُد من قبل الرماة، ولطالما أُشير إلى أن مخالفة تلك الأوامر كانت سبباً في حرمان الأمة من الاستفادة من هداية الإمام (عليه السلام) الذي كان أحق وأقدر على حمل لواء الخلافة التي تقوم على أُسس العدل والحق.

وتستحضر الأمةُ اليومَ مثالَ الغدير للتذكير بحجم المصيبة التي لحقت بالأمة جرّاء ابتعادها عن العهد الذي تم في يوم الغدير، ما يدعوها للتأمل في معاني الولاية ومقاصدها وأثرها في توحيد المسلمين وتوجيههم نحو الهدى وسبل الصلاح.

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرة الكفيل/ نشرة أُسبوعيةٌ ثقافيةٌ (مجانية) تصدر عن العتبة العباسية المقدسة/ العدد 974.
الشيخ حسين التميمي


تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا