متى يكون النقد بنّاءً؟
2024/04/27
240

يمكن أن يكون النقد بنّاءً عندما تتوفّر فيه الصفات التالية، وهي: 

1. العلم: ويكون الناقد فيه قد درس موضوع نقده بنحو تامّ، وأدرك فيه ظروف مَن ينقده بشكل دقيق، بعد الإحاطة بشكل كامل حتى يعرف بما يأمر أو ينهى، فعن أبي عبد الله (عليه السلام): «إنّما يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر مَن كانت فيه ثلاث خصال: عالم بما يأمر به، تارك لما ينهى عنه، عادل فيما يأمر، عادل فيما ينهى، رفيق فيما يأمر، رفيق فيما ينهى» (روضة الواعظين: 365).

2. الإنصاف: ينبغي مراعاة الإنصاف في نقد الآخرين وأعمالهم، فعن أمير المؤمنين (عليه السلام): «الإنصاف يرفع الخلاف ويوجب الائتلاف» (عيون الحكم: ص26)، وقال (عليه السلام): «مَن كثر إنصافه تشاهدت النفوس بتعديله» (عيون الحكم والمواعظ: ص455).

3. الأسلوب المرضي: فإنّ لأسلوب النقد دوراً مهمّاً في سلامته وكونه بناءً. فكون النقد حقّاً لا يكفي لجعله بنّاءً، بل إنّ عرض النقد بنحو مناسب هو من شروطه الأصليّة. 

وعليه، فإنّ المعيار العامّ في أسلوب النقد الصحيح: أنّ الناقد ينتقد الآخرين بالشكل الذي يحبّ أن ينتقده الآخرون أيضاً.
فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله): «وأمّا علامة الناصح فأربعة: يقضي بالحقّ، ويعطي الحقّ من نفسه، ويرضى للناس ما يرضاه لنفسه، ولا يعتدي على أحد» (تحف العقول: 20).

ومثلما هناك نقد بنّاء هناك نقد هدّام، حيث تشير الأحاديث المأثورة إلى آفات النقد الهدّام، ومن أهمّ أسبابه: 

1. جهل الناقد: فبما أنّ الجاهل لا يعلم دوافع ما يفعله الآخرون، ولا يدرك عقبات العمل ومشكلاته، فإنّه يفتح فاه بالنقد حالما تعارض العمل مع ذوقه ورؤيته، دون الأخذ بعين الاعتبار ظروف العمل ومتطلّباته وعقباته، فعن أمير المؤمنين (عليه السلام): «مَن قصّر عن معرفة شيء عابه» (الإرشاد: 1/301)، وعنه (عليه السلام): «الناس أعداء ما جهلوا» (بحار الأنوار: ج1/ص219).

2. الظلم: وهو من الأمراض الأخلاقيّة -خاصّة الأنانية والحسد- ما تدفع الإنسان إلى الإجحاف في النقد. ولذا أكثر أنواع النقد البنّاء يصدر من أفضل الناس أخلاقاً، والعكس بالعكس، فقد يتظاهر البعض بأنّه ناصح للناس بألف دليل ودليل، ولكنّه في الحقيقة لا يهدف إلا إلى الاستعلاء وفرض ذوقه.

3. الحسد: وهو أخطر من الأنانيّة، والحسود لا يفكّر حتى بمصلحة نفسه، إذ لا يرضى إلا بزوال نعمة الغير وإن أضرّ بنفسه، فعن الإمام الصادق (عليه السلام): «النصيحة من الحاسد محال» (الخصال: 269/5). 

4. الأسلوب المذموم: استخدام الأساليب غير الصحيحة يجعل النقد عديم الفائدة، بل يزيد الطين بلّة والنار حطباً، ولذا لا بدّ من أسلوب يختاره الناقد ليطرح نقده؛ كنوع التعامل، واللفظ اللين والأسلوب المناسب في التعبير، والظروف الزمانيّة والمكانيّة، ورعاية حال المخاطب، وغير ذلك.

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرة الخميس/ نشرة أُسبوعيةٌ ثقافيةٌ (مجانية) تصدر عن العتبة العباسية المقدسة/ العدد 981.
الشيخ غدير حمودي


تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا