شعبان شهر التجديد والتغيير
2024/02/18
273

في شهر شعبان حيث يحلّ الوقت المناسب للتغيير والتجديد في حياة الإنسان، إنه الشهر الذي يجعلنا نتأمّل بجدية تجاه العصر الحديث، ويدفعنا للتفكير في كيفية إحداث تحول إيجابي في حياتنا وفي مجتمعاتنا..
في هذا الشهر، نذكر ونتعلّم من ولادات عدد كبير من الأولياء الطاهرين، الذين قدّموا أُنموذجاً رائعاً للحياة الصالحة والقيم الأصيلة، ومن بين هؤلاء الطاهرين: الإمام الحسين (عليه السلام)، وأبي الفضل العباس (عليه السلام)، والإمام السجّاد (عليه السلام)، وغيرهم ممّن يمثّلون القدوة الحقيقية للإنسان الذي يريد العيش بسعادة وهناء.

ولنُلقِ نظرةً على المثل الأعظم في شهر شعبان، الإمام الحسين (عليه السلام)، الذي يعدّ الأنموذج الأوحد للتضحية العظمى في سبيل الله، فقد قدّم (عليه السلام) نفسه وأهل بيته ورفاقه الأبرار (عليهم السلام) قرابين من أجل إحقاق الحقّ وفضح الباطل، وهذه التضحية الخالدة ثبّتت القيم النبيلة التي ينبغي أن يسعى الإنسان لتحقيقها في حياته.

ثمّ ننظر إلى حياة مولانا أبي الفضل العباس (عليه السلام)، المعروف بشهامته وشجاعته، إنه الشخص الذي يعكس القيم النبيلة والشجاعة التي يجب أن يتحلّى بها الإنسان في كلّ زمان ومكان، وكان قدوة في الأخلاق والأفعال الحسنة وقوّة الشخصية، حيث ثبّت في نفوس البشرية وذاكرتهم بفضل صفاته الفذّة، وتمكّن من أن يلهم الناس ويحثهم على تحقيق الصفات الرسالية.

ومن بين تلك الشخصيات العظيمة التي نتعلّم منها في شهر شعبان الإمام السجّاد زين العابدين (عليه السلام)، الذي كان المثل الأعلى للتقوى والعبادة في زمانه، فكان يعرف بتفانيه وإخلاصه في العبادة، وكان يرى في كلّ لحظة فرصةً للتقرّب إلى الله تعالى، وفرصة لنشر مكارم الأخلاق بين أفراد المجتمع، إن وراثة الإمام السجاد (عليه السلام) تتجلى في تعاليمه الأخلاقية السامية، وهي تعاليم يمكننا تطبيقها واقعياً في حياتنا اليومية للارتقاء نحو الأفضل.

نعم، في شهر شعبان الخير يتجدّد الولاء والتفاني لأئمة الإسلام الهداة (عليهم السلام)، وهم الشخصيات التي تعلّمنا القيم النبيلة والطيبة من أجل الإصلاح والتغيير.. إنهم يمثّلون رموزاً للحداثة والتطوّر في عصرنا الحديث، حيث يمكننا أن نستلهم من الإرث التاريخي والروائي لأهل البيت (عليهم السلام) العلم والوعي والقوّة والشجاعة وكل ما يصلح الإنسان؛ للتغلب على التحديات المعاصرة والضغوط النفسية والاجتماعية، والنجاة من الابتلاءات المعاصرة بنجاح.

كما وقد قال الله تعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ المُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ﴾ (محمد: 31).
وقال الإمام الحسين (عليه السلام) في دعاء عرفة: «اللّهم لا تستدرجني بالإحسان ولا تؤدبني بالبلاء» (كشف الغمّة: 241).
وهذا الدعاء رسالة إلى المجتمع، ودستور لحماية الإنسان في برنامج إلهي من الإمام (عليه السلام)، وهو أن الشخص يدعو الله أنّ لا يُغرى به بالإحسان والنعم، ولا يُعاقِبه بالبلاء والمحن، والشخص يعبّر عن رغبته في أن يبقى متواضعاً ومتزناً في حياته يسعى نحو التجديد والتغيير للأفضل، ولا يُغرى بالثروة والرفاهية التي قد تشتت انتباهه وتجعله ينسى الشكر والتواضع.

كما يدعو الله أن لا يُعاقِبه بالبلاء والمحن، فهو يتوجّه إلى الله بالدعاء أن يحميه ويبعده عن الصعوبات والمشاكل التي قد تواجهه في حياته. وهذا الدعاء يعكس رغبة الشخص في الحفاظ على سلامته واستقراره الروحي في وجه التحدّيات والمشاكل.

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نشرة الكفيل/ نشرة أُسبوعيةٌ ثقافيةٌ (مجانية) تصدر عن العتبة العباسية المقدسة/ العدد 956.
الشيخ حسين التميمي

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا