يقول الله تعالى في كتابة العزيز:
{إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ فَلَهُمْ
أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍۢ}، والأجر غير الممنون هو الثواب غير
المنقوص أو المقطوع فمن رحمة الله تعالى بعباده الذين يطلبون الأجر
أنه لا يقطع أجرهم في حال ضعفهم عن العمل الصالح أو بعد وفاتهم فبعض
الناس ينوي فعل الخير إلا أنه يمرض أو يفتقر أو يمنعه حادث طارئ فمن
رحمة الله تعالى أنه لا ينقص من أجورهم.
ما معنى الثواب وماذا نقصد
به؟
الثواب، يعني الرجوع، ويُطلق الثواب
على أفعال العباد، بمعنى ما يرجع إليهم من جزاء أعمالهم، وعُرِّف
الثواب أيضاً بأنّه النفع المستحق المقارن للتعظيم والإجلال، ويستحق
المكلف الثواب على الكثير من الأمور التي يقوم بها كالعمل بالتكاليف
واجتناب النواهي، وعزم المكلّف على امتثال الأوامر الآلهية، ويُشترط
لاستحقاق الثواب مجموعة من الشروط، ومنها: التكليف، والإسلام،
والإيمان..
إنَّ الثواب يتفاضل من عمل لآخر
بحسب بعض الأمور التي تتصف بها بعض الأعمال دون غيرها كالتفاضل في
الثواب إذا أوقع العمل في مكان أو زمان معينين كالصلاة عند بيت الله
الحرام، أو الصلاة في ليلة القدر، يوجد مجموعة من الأمور التي تُحبط
ثواب عمل العبد التي يجب على المكلف اجتنابها كالرياء،
والشرك،
ما يستحق عليه المكلف
الثواب.
يُثاب الإنسان على الطاعات وفعل
الخيرات المشتملة على كثير من الأعمال الجوانحية والجوارحية،
ومنها:
الايمان والاعتقاد الصحيح،
وإنّ الإيمان في نفس الإنسان
سبب لاستحقاق الثواب الدائم، فإنّه خير محض موجب للتخلّص من النيران
والخلود في الجنان، وإن لم يقدر معه على عمل، وإنّما العمل الصالح
من آثاره وأماراته، وتدلّ عليه الآيات الكثيرة الدالّة على ترتّب
الثواب على الإيمان مع العمل الصالح، كقوله تعالى: ﴿وَقَالَ
الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَيْلَكُمْ ثَوَابُ اللَّهِ خَيْرٌ
لِمَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً وَلاَ يُلَقَّاهَا إِلاَّ
الصَّابِرُونَ﴾.
الانقيـــــاد..
لا ريب في بناء العقلاء على حسن
الانقياد واستحقاق المدح، بل الثواب على القيام بما هو مقتضى
العبودية من العزم على فعل ما يعتقد محبوبيته وإن كان مبغوضاً، فإنّ
البغض الواقعي لا يكون مانعاً من الانقياد الذي هو ملاك العبادية،
ووسيلة القرب إلى المولى واستحقاق ثوابه، وإنّما يكون مانعاً إذا
كان معلوماً للعبد على نحو يكون الفعل مبعّداً عن المولى لكونه
تمرّداً عليه.
العزم على الامتثال..
ورد في بعض الروايات "أنّ من همَّ
بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة".
شروط استحقاق الثواب على
العمل..
قصد الامتثال هو التقرّب، إن
العبادات الصحّة فيها تتوقّف على قصد التقرّب والامتثال وإتيان
العمل خالصاً للّه سبحانه، وبدونه لا تتحقّق عبادة، ولا امتثال،
ولا طاعة للّه عز وجل، حتى يترتّب الثواب..
وأيضا لكي لا تنقطع الحسنات بالوفاة
فإن أكثر ما يقلق الإنسان هو انقطاع الثواب عنه بعد موته فالحياة
قصيرة والموت قريب وبالتالي يموت الإنسان ويُنسى وبعد فترة يُمحى
أثره من الوجود ولكن رحمة الله تعالى جعلت للميت ثواباً لاينقطع الى
يوم القيامة وبالتالي فان آثارة باقية حيث
قال تعالى: {إِنَّا
نَحْنُ نُحْىِ ٱلْمَوْتَىٰ وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُواْ
وَءَاثَٰرَهُمْ ۚ وَكُلَّ شَىْءٍ أَحْصَيْنَٰهُ فِىٓ إِمَامٍۢ
مُّبِينٍۢ}.
والثواب الباقي بعد الوفاة يجري من
خلال أمرين:
الأول: ما يرسله الأموات الى
الأحياء من خيرات ومبرات وهو ما نقوله في صلاة الميت "...تابع اللهم
بيننا وبينهم بالخيرات".
الثاني: هو ما بذره الإنسان في
حياته من صدقة جارية أو كتاب ينتفع به أو ذرية صالحة أو عمل باق
أثره.
وبعض الروايات تؤكد ذلك
حيث قال النبي (صلى
الله عليه وآله): "مَن سَنَّ سَّنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها
الى يوم القيامة من غير أن ينقص من أجورهم شيء"..
وقد قال صلوات الله وسلامه عليه أيضا: "إذا مات الرجل انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة
جارية وعلم ينتفع به ولد صالح يدعو له"..
وقال الإمام الصادق (عليه السلام):
"ستّة يلحقن بالمؤمن بعد وفاته: ولد يستغفر له، ومصحف يخلفه، وغرس
يغرسه، وصدقة ماء يجريه، وسنَّة يؤخذ بها من بعده"..
واخيراً اللهم حبّب إلينا الإيمان
وزيّنه في قلوبنا، وكرّه إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من
الراشدين، واجعلنا هداة مهتدين، غير ضالين ولا مضلين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: إذاعة الكفيل - برنامج زاد الآخرة - الحلقة
الرابعة -
الدورة البرامجية 77.
مواقع التواصل ودورها في تفكيك المجتمع