النبي نوح والجزع
2023/10/31
490

المعروف أن النبي نوح (عليه السلام) أول أنبياء أولي العزم والولد التاسع من ذرية آدم عليه السلام، والنبي الرابع من بعده، وكان لنوح أربعة أولاد آمن جميعهم به، إلا ولده كنعان، فقد كفر وهلك بالطوفان.
الجزع في اللغة: القلق وضيق الصدر، أو عدم الصبر.

لا يخفى على أحد منَا ما جرى في قصة سفينة نوح والطوفان الذي أغرق قومه، وقد أمر الله تعالى نوحاً بصناعة السفينة لكي ينجو هو ومن معه من المؤمنين من الطوفان، وقد ذكرت العديد من الآيات القرآنية قصة نوح (عليه السلام)، وكما هو واضح في الحديث أن نبي الله  نوح عليه السلام حزن واغتم وجزع بعد أن رأى عظام قومه الذين غرقوا، وهم الذين عصوه وكفروا بالله، بعد دعوته لهم 950 سنة، وكان قومه أول قوم في البشرية تنزل بهم عقوبة الله استجابة لدعوة نبيه وذلك كان بعد إبطاء من الله الغفور الرحيم في إنزال العقوبة ؛ ولنمعن التفكر في قضية جزع نبينا على رؤية هلاك قومه، مع أنه صبرعلى دعوتهم لتوحيد الله سنين عديدة، وهنا نداء لكي نلتفت إلى نفوسنا على ماذا تجزع وما الأسباب النفسية لحصول الجزع  لدى أفراد مجتمعنا في عصرنا اليوم؟

إن أكثر الناس يجزعون على أمور دنيوية غالبا ، كفقدان منصب أو عدم الحصول على معدل كاف لدخول كلية باختصاص ما، أوعدم التمكن من السفر والسياحة، أو جزع المرأة للجوء زوجها إلى زواج آخر، وما إلى ذلك من أمور دنيوية..  
والإنسان بطبيعته جزوع قد يقتصر جزعه على الحزن والابتعاد عن الأكل والشرب، لكنه قد يقوى بأفعال تتنافى مع الطبيعة البشرية كإيذاء الجسد وإيذاء الروح أحيانا، وقد يصل إلى اليأس من الحياة والتخلي عنها لا سمح الله..  وذلك كله نتاج لعدة أسباب ومن أهم ما يسبب عدم الصبر على مصائب الحياة هو إهمال تقوية النّفس، والمطلوب أن يعدّ كلّ واحد منّا من القوّة ما يتناسب أو يتفوّق على الصّعاب، فنعوِّد أنفسنا بالتصبير وعدم التهويل في  تحمّل الأمور الابتلائية البسيطة من أمراض وغيرها، ثم بالتدريج تعويدها على ما هو أصعب وهكذا.

-نقصان المعرفة: فما يعين الإنسان على تحمّل المكاره هو أن يرى فيها الخير، ويعلم أنّه بسببها سيبلغ المقامات عند الله، لقوله تعالى: ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾..
كذلك عن أبي جعفر(عليه السلام) قال:  "الجنة محفوفة بالمكاره.... ".

-ضعف الإيمان: قال الإمام علي (عليه السلام): "أيها الناس عليكم بالصبر، فإنه لا دين لمن لا صبر له"، حين تواجهنا مصيبة واحدة أو يحلّ بنا ألمٌ ومرض، قد نشتكي لدى النّاس، ونعترض على ما يحل بنا أمام كلّ من هو أهل لذلك، ومن هو ليس بأهل له، فأين هو الإيمان القوي إن لم يغلب صبرُنا ردودَ أفعالنا المقيتة.


ماهو علاج الجزع بحسب ما أفاده الحديث القدسي الذي سمعناه وبحسب ما يرشدنا أهل البيت عليهم السلام؟
سمعنا من الحديث: "...فأوحى الله إليه أن كل العنب فإنه يذهب الغم"، وفي الحديث يتبين لنا حل سهل و بسيط، ليس نفسيا بل هو حل مادي محسوس يمكن لأي بشر منا أن يقوم به، وهو منطقي بحد ذاته لكون الشخص الجزوع بديهيا يبتعد عن الطعام، قبل أي شكل آخر يبديه من أشكال الجزع، وبقاء الجسد بلا قوت، قد يزيد من الأمر سوءا، فيبدأ الجسد يتداعى مما يطور الأمر إلى مظاهر أسوء من ذلك.
لذا أشار الله تعالى بالعنب ومعروف عنه علميا وصحيا أنه يحتوي على قيمة غذائية عالية، ولا يمكن أن يعلم الإنسان المؤمن بعواقب هذا المرض ولا ينزجرعن هذه الحالة، لا سيما عندما یعلم بأنّ الجزع یذهب بأجره وثوابه عند الله تعالى، وکذلك یحطّم أعصابه وقواه النفسیة، ویسلب منه سلامته البدنیّة والروحیة، وقد روي عن أبي عبد الله (عليه السلام): "كلّ الجزع والبكاء مكروه، سوى الجزع والبكاء على الحسين(عليه السلام)".

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصدر: إذاعة الكفيل - برنامج من محادثات قدسية- الدورة البرامجية 76 - الحلقة الثانية.

تحدث معنا
يمكنكم التواصل معنا من خلال التحدث بشكل مباشر من خلال الماسنجر الفوري تحدث معنا